_*|♥ والدي متسلط ♥|*_
قصة مؤثرة تستحق القراءة بطولها وتفصيلها
إن لذة الإنتقام لا تدوم سوى لحظة ... أما الرضا الذي يوفره العفو فيدوم إلى الأبد
أرجوا أن تسامحوني إذا يوما غلطت في حق أي أحد منكم ترى الدنيا فعلا ما تسوى
إقرأ القصة وأدع الله تعالى أن يرحم والدينا ويغفر لنا وللمسلمين والمسلمات
قصه في غااااااية الروعة والإنسانية
هذه رسالة كتبتها فتاة مصرية إلى أحد المستشارين في المجلة تحكي فيها قصتها وتطلب فيها التوجيه والرأي أعجب من قصتها ما كتبه المستشار .. فإلى القصة والاستشارة :ـ
سيدي أكتب لك من داخل القطار .. لذا إغفر لي إرتعاشة الكلمات وسوء الخط .. وأستميح القراء عذرا في قسوة بعض التعبيرات وفجاجتها .. ولكني لم أستطع التعبير عن نفسي إلا بما حدث مجردا من أي تنميق أو تجميل .. وأناشدك ألا تقسو علينا .. فنحن بنات قسا الزمن علينا طويلا .. وأرواحنا ـ كما أجسادنا ـ كلها ندبات وجروح . نحن ست بنات .. خمس شقيقات , والصغيرة من أم أخرى .. عشنا أيام طفولتنا وصبانا في عذاب لا يمكن وصفه أو تخيله بسبب قسوة أب تجرد من كل مشاعر الإنسانية .. ولم نهنأ .. أو نغمض عيوننا إلا بعد موته الغريب والمفاجئ .. موته إستمر 5 سنوات
دعني أسترجع معك ذكرياتنا التي لا تفارقنا لحظة , فكل ألم عليه شاهد في الروح والبدن .. إستيقظت عيوننا منذ الميلاد .. على أم كسيرة باكية دائما .. وأب لم نره في البيت إلا في يده سلك كهرباء عار تنهال سياطه على أجسادنا إذا بدر منا أي صوت .. هل يمكن تخيل طفل لا يبكي ؟.. نعم .. نحن كنا نعي أن البكاء حتى في الأشهر الأولي يعني ألما غير مفهوم من يد شبح .. لم نكن نعرف ماذا يمكننا أن نناديه .
أتذكر الآن عندما كان عمري 5 سنوات وأمي حامل في شهورها الأولي كانت تستحم سقطت في الحمام فأخذت تستغيث بصوت منخفض حتى لا توقظ أبي النائم .. ولكنه للأسف إستيقظ مع بكائها هل يمكن أن تتوقع ماذا فعل ؟ لا أنسى ملامح وجهه في ذلك اليوم ملامح شيطانية مفزعة .. لم يثنه دمها المراق علي الأرض لم يفزعه وإنهال عليها ضربا ورفسا في بطنها وشدها من شعرها خارج الحمام ونحن نبكي ونصرخ رعبا حتى تجمع الجيران .. وأخذها أحدهم فاقدة الوعي إلى المستشفى بينما توجه هو إلى غرفة نومه .. يومها أصبت أنا الأخرى بإنهيار عصبي وظللت مريضة فترة طويلة
سيدي .. هل لك أن تتخيل ماهو جزاء أي واحدة فينا لو لم تتفوق في المدرسة ؟.. يحلق شعرها ويغرس وجهها في صفيحة الزبالة ثم ينهال عليها ضربا بالسلك العاري حتى تفقد وعيها من شدة الألم .
ولم يكن أبي ينفق علينا ولا تظن أنه كان فقيرا .. بل كان كما يقولون يلعب بالفلوس لعب ومعه أموال كثيرة من تجارة الغلال .. ولكنه كان يأمرنا بالعمل ونحن أطفال لنشتري ملابس المدرسة وننفق على أنفسنا .. كنا نمسح سلالم أقاربنا والجيران مقابل أجر .. أما أمي فقد إشترى لها إخوالي ماكينة خياطة .. إضافة إلى عملها في مصنع مجاور لمنزلنا حتى تنفق علينا ..
إقترح أخوالي على والدتي أن تترك له البنات الكبار وتذهب معهم بالبنات الصغار .. ولكن أمي رفضت خوفا على الكبار والصغار من بطشه وجبروته فقد كانت ترى في وجودها بعض الحماية لنا .
سيدي .. لا يمكن لأحد تخيل معنى الذل والحرمان مثل الذي يعانيهما .. لن يستوعب أحد معنى إستحالة أن تتحرك من موقعك في البيت أو تمشي حافيا لأن والدك نائم . لن يفهم أحد معنى أن ترتدي طوال العام ـ صيفا وشتاء ـ فستانا ممزقا وتأكل رغيفا واحدا وتنام الليل خائفا وتصحو النهار مذعورا .
لك أن تتخيل كل شيء كل أنواع العذاب والقهر والألم فليست أزمتنا الآن فيما فات ولكن دعني أكمل لك :
منذ 14 عاما أصيبت أمي بنزيف حاد مما أغضب أبي فإنهال عليها ضربا وإستنجدنا بأخوالي نقلناها إلى المستشفى .. ولكن قضاء الله كان أسرع .. ماتت أمي .. كلمة الحنان في الحياة ورفض القاسي تسلم جثتها حتى دفنها أخوالي .. وفي الأربعين دخل أبي علينا البيت وفي يده مطلقة عمرها 20 عاما قال إنها زوجته .. وقتها كنت أعيش معه أنا وشقيقتي الصغرى .. بعد زواج شقيقاتي جمعنا أبي وقال لنا : لو شكت لي منكم كلمة .. فسأضع سلك الكهرباء في عيونكما .. وفرغ شقيقتي من عملها في مقلاة اللب لتخدم زوجته الجديدة .. أما أنا فكنت أسارع بالعودة من عملي .. حتى أنظف البيت وأطهو لهما الطعام .
المهم التفاصيل متعددة ولكن الأهم أن أبي تزوج ثلاث مرات بعد أمي وآخر واحدة حملت رغما عنه فطلقها وعاش بدون زواج حتى حدث الآتي :ـ
سيدي .. منذ 8 سنوات ذهب والدي لأداء العمرة ولم يعد .. إنقطعت أخباره عن الجميع منذ سفره .. توجه أعمامي عدة مرات إلي السفارة السعودية يسألون عنه بلا جدوى .. لا يعرف أحد له طريقا .. هل تدري كيف كان إحساسنا مع كل يوم نتأكد من غيابه ؟.. أصابتنا كريزة ضحك صرخنا زمن العذاب إنتهى روحة بلا رجعة ـ 5 سنوات عشناها على أعصابنا حتى أقمنا دعوى أمام المحكمة لإعتباره مفقودا وعملنا إعلام وراثة .. بعدها فقط بدأنا نشعر أننا آدميون .. إنطلقنا في الشقة مزقنا صوره ألقينا بملابسه في صناديق القمامة حتى الملاية التي كان ينام عليها والبطاطين التي إستخدمها .. شبشبه .. الأكواب التي كان يشرب فيها .. الكرسي الذي جلس عليه كله حطمناه .. تخلصنا منه .. أتعرف ما الذي كان يؤلمنا ويعذبنا ؟ أنه مات بدون عذاب .. لم يعش أمامنا ذل المرض .
حصلنا على أمواله التي حرمنا منها وإكتنزها في البنك .. كل واحدة فينا بدأت تتحدث عن أحلامها .. واحدة ستشتري ذهبا .. والأخري تشتري محلات ملابس .. والثالثة تشتري سوق الخضار واللحوم .. وهكذا بدأنا في تنفيذ أحلامنا .. لا يعكر صفو حياتنا سوى منازعات أعمامنا فيما هو حق لنا .
سيدي .. كان كل شيء يسير طبيعيا حتى جاء هذا اليوم .. في شهر رمضان الماضي دعتني زميلتي إلى عقد قرانها وفيما أنا في طريقي إلى القاعة لا أدري ما الذي دفعني للنظر خلفي .. هل يمكن تصور من كان يجلس على الأرض ؟.. إنه أبي .. رجل عجوز ممزق الملابس .. لا يمكن .. هل عاد أبي ؟؟ أصابني الفزع وإستعدت كل تاريخي .. إختبأت وخشيت أن يراني .. ثم توجهت إليه وأنا أرتجف نظرت إليه فلم يعرني إهتماما .. إستيقظت على نداء صديقاتي .. فحضرت عقد القران .. ثم توجهت إلى إمام المسجد وسألته : هل تعرف هذا الرجل .. فقال لي إن أحد أقاربه أتي به منذ فترة من القاهرة وأخبرنا أنه كان يعالج في المستشفي .. وحاليا يخدم في المسجد ويغسل السلالم في العمارات المجاورة .
هل يمكن تخيل ذلك ؟؟ والدي الذي كان يصحو العصر من نومه ويرتدي أفخر الثياب .. يمسح السلالم ويجلس على الأرض . طلبت من الإمام أن يدعوه .. وسألته إيه حكايتك فقال لي : إنه كان في مستشفي في السعودية والسفارة هناك أخبرته أنه مجهول الإسم وهو لا يتذكر أي شيء عن شخصيته وعملوا له وثيقة سفر ورحلوه لمصر .. هو يحكي وأنا أستعيد كل المشاهد القديمة تفصيليا .. بكيت وبكيت لم أعرف لماذا أبكي ؟؟ هل هذا الرجل المنكسر الذي ينظر لي بمحبة وحزن هو أبي الظالم
يمد يده ليأخذ مني بعض النقود .. أتذكره وهو يقذف في وجهي صينية الطعام لأني نسيت شيئا .. يعيدني صوته وهو يدعو لي : ربنا يطعمك ما يحرمك . سألته : مش فاكر أنت كنت إيه زمان ؟ وأرد في نفسي : كنت شريرا ـ قاسيا ـ بتضرب بسلك الكهرباء والشلوت ومسمينا الحلاليف . نظر إلي طويلا وقال : أنا حاسس إن ربنا بيعاقبني على شيء عملته وغضبان علي .. لا أعرف من أين أتيت بهذه الدموع .. هل كنت أبكي عليه أم لأنني تذكرته وهو يجر أمي من شعرها وهي تنزف .. أتذكره وهو يرفض الذهاب إلى المستشفي لدفنها
عدت إلي البيت دعوت شقيقاتي وحكيت لهن ما حدث .. لم يصدقن ما سمعنه فقررنا إستدعاء محامينا .. وإتفقنا على الذهاب إليه لرؤيته .. إندفعنا نحوه .. كادت واحدة تناديه بابا منعناها .. جلسنا معه وبدأ المحامي يحكي لي حكايتنا مع أبينا ـ الذي هو الجالس أمامنا ـ تعمدنا ذكر بعض كلماته مثل الحلاليف حتي نتأكد من ذاكرته .. فوجئنا به يبكي ويقول : كيف لأب يفعل ذلك في بناته أنا كان نفسي يكون لي بنات مثلكم .. قالت له أختي : مش يمكن ولادك لوعرفوا إنك عايش يتبروا منك .. نظر إليها بإندهاش قائلا : ليه يابنتي إنت قاسية قوي كده
المهم سيدي .. عدنا إلي البيت أكثر حيرة .. جاء خالي لنا وأخبرناه ـ فقال إنه لابد أن يعود إلى بيته .. فهذا حقه .. وقال المحامي : إنه لو عاد سيستعيد أمواله منكن .. أعمامكم سيرفضون وسيقدر عليكن ولو عالجناه قد يعود إلى ما كان عليه وينتقم منكن . قلنا مرة ثانية عذاب وذل وبهدلة .
إتفقنا أن نذهب له كل شهر .. نمنحه صدقة تكفيه وطعاما وملابس .. فكرنا في إدخاله مستشفي والإنفاق عليه ولكن خشينا أن يشفي ويفهم ما فعلناه به فينتقم منا ــ سيدي .. عقولنا ترفض عودته ولكن ضميري يؤلمني .. وصوت في داخلي يقول لي : إرحمي عزيزا ذل .. إرحمي آباك في شيخوخته .. يكفي ما يراه من عذاب .. يغسل سلالم العمارات في عز الشتاء ألا يكفي إنتقام الله .
منذ أيام ذهبنا إليه وجدناه مريضا في حجرة متواضعة بجوار المسجد .. وقال لنا إمام المسجد : إن الطبيب أخبرهم بمرضه بالسكر والضغط وماء على الرئة .. أهل الخير أحضروا له الدواء .. وجدت بجواره كيسا فتحته وجدت به خبزا عفنا .. أتألم له ومنه .. أتذكر ذات صباح عندما إستيقظ من النوم فلم يجد خبزا طازجا .. ففتح رأس أمي بغطاء ماكينة الخياطة .. وها هو اليوم يأكل خبزا عفنا .. إن الله بحق يمهل ولا يهمل !.
سيدي .. نعيش في أزمة بين ضمائرنا وبين ذكرياتنا المؤلمة .. نعجز عن الإتفاق على قرار .. فقررنا الإحتكام إليك لعلك تساعدنا على إتخاذ القرار السليم بدون أن تظلمنا !.
وهذا رد المستشار
هنا يظهر الفرق بين من ينطلق دائماً من الأصول الشرعية وبين من يبني آرائه على العواطف ومشاعر الآخرين
سيدتي :ـ
ألتمس الأعذار لمن يرى الظلم ويعاني منه .. وتغيب أو تتأخر عدالة الله سبحانه وتعالى ـ لحكمة يعرفها ـ عن أنظار العباد .. ولكن عندما يأتي عقاب الله وإنتقامه من الظالم أمام عيني المظلوم وفي حياته .. أتساءل كيف لهذا المظلوم أن ينقلب إلى ظالم غافلا عن عدالة الخالق العظيم الذي يمهل ولا يهمل .
سيدتي :ـ
من يقرأ الجزء الأكبر من رسالتك .. لابد أن يغضب ويتألم ويطالب بالقصاص من مثل هذا الأب .. ومن يقرأ الجزء الأخير.. لابد أن يتمهل ويعيد النظر إلى الصورة مكتملة قبل أن يصدر حكمه بدون قسوة أو إندفاع عاطفي .
أعتقد أنك لست في حاجة الآن للتعبيرعن الرفض الكامل لسلوكيات والدك قبل فقدانه لذاكرته .. فمهما كانت الكلمات فلن تعبر عن الألم والمهانة التي تعرضتم لها جميعا من سلوكيات هذا الأب .. والذي لولا نهايته .. لكان الكلام فيها لا ينتهي .. فما فعله بعيد عن الإنسانية كل البعد وليس فقط بعيدا عن الأبوة .
ستقولين إنه الماضي الذي يعيش فيكن حتى الآن .. ولكن الآن ليس أمامك إلا التعامل مع الحاضر من أجل المستقبل .. فالعيش في الماضي لن يزيدكن إلا ألما.
فعندما تصلني رسالة غاضبة من ابن لسوء سلوك أو رعاية أحد والديه .. تطل أمام عيني الآية الكريمة ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم ـ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا..) الخالق الجابر المنتقم ـ عندما يصل الأمر إلى الدعوة للشرك به من أحد الأبوين يأمرنا بعدم طاعتهما في هذا فقط .. بينما يطالبنا سبحانه وتعالي بمصاحبتهما في الدنيا معروفا .. هذا في حقه فما بالنا لو الأمر يتعلق بنا نحن الأبناء البشر .. ألا ترين أن في هذه المصاحبة والتكريم أمرا إلهيا يجب الإمتثال إليه ـ فإذا سلمنا بذلك وإستندنا إلى أمر الإحسان ـ المتكرر في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ـ إلى الوالدين .. وقررنا أن يكون القرار إبتغاء لمرضاة الله فإن قراركن سيكون واحدا ومحددا .
سيدتي ..
إن لذة الإنتقام لا تدوم سوى لحظة .. أما الرضا الذي يوفره العفو فيدوم إلى الأبد ـ وإستمعي إلى قوله سبحانه وتعالي : ( وليعفوا وليصفحوا ـ ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) ... ألا تحبون أن يغفر لكم الله .. كم هو مقابل زهيد .. مهما تكن قسوة الأيام ـ فالتسامح يا عزيزتي جزء من العدالة .
لا أريد أن أدخل معكم في فرضيات .. لأن إذا قلت أنكن لو عالجتوه وأحسنتم إليه قد يعود إلى سيرته الأولى .. سأقول لكم ومن أدراكن أن الله قد يعيد إليه ذاكرته الآن ويزداد إنتقامه منكن لأنكن تركتموه .
إن ما أنتن فيه من وفرة من حقه, إنه ماله حتى ولو كان ظالما .. لكن عودته وهو فاقد الذاكرة ـ على قدر ما أعرفه ـ لا يعطيه الحق القانوني في التصرف فيما يملك لأنه ليس أهلا لذلك ــ ولكن نصيحتي لك ولشقيقاتك أن يكون قراركن خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى ـ وأن تذهبن إليه فورا وتعيدونه إلى بيته وتحرصن على علاجه ... وثقي بأن الهناء والإستقرار والسعادة لن يعرفوا طريقهم إليكن إذا ظل أبوكن ملقى في الطريق .. إن المنتقم يرتكب نفس الخطيئة التي ينتقم لأجلها .. فلا تواصلن حياتكن وأنتن ترتكبن نفس الخطيئة .. والأولى أن يبكي اللإبن من أن يبكي الأب .. وخذي وعد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( عفا الله عما سلف ــ ومن عاد فينتقم الله منه ــ والله عزيز ذو إنتقام ) ..