لسلام عليكم ورحمة اله وبركاتة
من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي ، تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، إنطاق الجماد له، وتكلم الحيوان إليه، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضر، ويرقى بهم بين الأمم، ويضمن لهم سعادة الدارين.
نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر، وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل، إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .
ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول ( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه [مسلم] . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ( كنت مع النبي بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله ) رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .
ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : (كان النبي يخطب إلى جذع ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع ، فأتاه يمسح يده عليه.) رواه البخاري (11) .
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما استتر به لحاجته هدفا أو حائش نخل قال فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي حن وذرفت عيناه فأتاه النبي فمسح ذفراه فسكت فقال من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه)أبو داود (12).