لم يكن من المقبول أن يتاح في نهائي بطولة الأمم الافريقية، مثل هذا العدد الكبير من الفرص التهديفية، التي إتيحت في نهائي بطولة جنوب افريقيا 2013 بين نيجيريا وبوركينا فاسو، ولكنها ضاعت هباء دون إستغلال، لتقتنص نسور نيجيريا "بهدف وحيد" اللقب الثالث في تاريخها متغلبه على خيول بوركينا التي أكتفت بإنجاز كبير بوصولها إلى نهائي البطولة للمرة الاولى في تاريخها.


المباراة النهائية للبطولة التي تحمل رقم 29، تأثرت بشكل كبير بحالة الإجهاد البدني والذهني والفني للاعبي الفريقين من جراء مشوار البطولة الطويل، وصولا إلى النهائي، حيت أتسمت مباريات الفريقين في الأدوار السابقة ببذل الجهد والعصيبة خاصة للمنتخب البوركيني، هو ما أنعكس على فقدان التركيز في هجمات مصيرية كانت كفيلة بتأكيد تفوق نسور نيجيري، الذي كان مهدد حتى اللحظات الأخيرة، أو إدراك التعادل لخيول بوركينا التي كانت من الممكن ان تفقد الأمل مبكرا لو أستقبل شباكها المزيد من الأهداف.


هذا لا ينفي أن المنتخب النيجيري أستحق الفوز باللقب الثالث في تاريخه، بعد ان أبتعد عن معانقة الكأس منذ 19 عاما وتحديدا في 1994 حيث كانت أخر مرة يحرز فيها اللقب بقيادة النجم ستيفين كيشى، الذي عاد وقاد منتخب بلاده وهو مدرب ليفوز باللقب، مكررا إنجاز الراحل محمود الجوهري مع المنتخب المصري مدربا ولاعبا.


صحيح أن المنتخب النيجيري لم يقدم المستوى المأمول منه في مباريات الدور الاول للبطولة، وأستبعده البعض من قائمة الترشيحات لنيل لقب هذه البطولة، إلا ان نقطة التحول الحقيقية كانت عندما اطاح بأفيال كوت ديفوار في دور الثمانية وتغلب عليه 2-1، ومن هنا زادت طموحات المنتخب ولاعبيه، وأنقلبت الترشيحات لتصب في صالحه وهو ما دفعه لتحقيق فوز سهل على مالي في قبل النهائي 2-1، قبل أن يتأهل لملاقاة الحصان الأسود للبطولة " خيول بوركينا فاسو".


وعلى مدار 90 دقيقة كاملة في المباراة النهائية، نجح المنتخب النيجيري في فرض أسلوبه على نظيره البوركيني، خاصة في الشوط الأول، وعرف كيف يتعامل مع "عناد" الخيول وحماسها، بخبرة لاعبيه، واحرز هدف بمجهود فردي للاعبه صاندي مبا، وفي الوقت الذي حاول منتخب بوركينا الإلحاق بالكأس في الشوط الثاني زادت المساحات وقل التركيز في كلا الجانبين، وهو ما تسبب في إهدار العديد من الفرص التي كانت كفيلة بتغيير النتيجة النهائية تاكيدا لفوز النسور او تغييرا لصالح بوركينا.


وعلى الجانب الأخر لم يشفع للاعبي بوركينا فاسو ادائهم المتميز طوال مشوار البطولة، خاصة بعد تغلبهم على منتخب غانا في قبل النهائي في المباراة الماراثونية بركلات الترجيح، ووأصابهم نصل الإجهاد البدني والذهني، صحيح ان المدرب البلجيكي بول بوت حاول قدر الإمكان مد زمن المباراة النهائية بالإلتزام بطريقه متحفظة دفاعيا طوال الشوط الأول، إلا أن هدف صانداي مبا في الدقيقة 40 من الشوط الاول، غير كل الحسابات.


وفي الشوط الثاني حاولت الخيول "الركض" بأقصى ما تملك للإلحاق بالكأس، إلا أن الإستعجال وفقدان التركيز، خوفا من ضياع حلمهم، وإستبسال مدافعي نيجيريا في الزود عن مرماهم، حال دون تسجيل هدف واحد كان من الممكن ان يغير المشهد النهائي.


ويكفي منتخب بوركينا فاسو فخرا ادائهم في هذه البطولة، ووصولهم إلى المباراة النهائية للمرة الاولى في تاريخهم، وهو ما يعد إعادة رسم لخارطة كرة القدم الإفريقية، في ظل غياب قوى كبرى كان يعمل لها حسابات كثيرة.


وإذا حافظ وصيف أمم افريقيا على هذا المستوى، ولم يصب لاعبيه الغرور، سيكون له شأن كبير في الفترة المقبلة، خاصة في المباريات المتبقية له في تصفيات كأس العالم، على الرغم من انه لم يحقق سوى تعادل وحيد مع الكونجو، وخسر من الجابون في المجموعة الخامسة.


يبقى أن العبء سيكون ثقيلا على منتخب نيجيريا عندما يدافع عن لواء كرة القدم الإفريقية في بطولة كأس القارات 2013 بالبرازيل، مع منتخبات أسبانيا ، بطل العالم وأوروبا، وأوروجواي بطل أمريكا الجنوبية، وتاهيتي بطل اتحاد الأوقيانوسية، حيث سيكون مطالبا بخوض البطولة من حيث إنتهى في أمم افريقيا، وليس مثلما بدأها، خاصة وان مشاركته أساسا تلقى إعتراضا شديدا من زامبيا بإعتبار منتخبها الأحق في تمثيل القارة السوداء في هذه البطولة لانه حامل لقب البطولة الماضية 2012 قبل تغيير موعد إقامتها إلى السنوات الفردية إعتبارا من 2013.

بارك الله فيك
شكرا على الخبر