الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اخر المواضيع
تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Collapse_tcat
المواضيع المضافه مؤخراً
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
الخميس فبراير 12, 2015 11:31 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:42 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:42 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:42 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:41 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:41 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:40 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:20 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:17 am
الأربعاء مارس 19, 2014 4:17 am






شاطر
 

 تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
&نقاء الروح&
&نقاء الروح&


..: عضو نشيط :..

..: عضو نشيط :..
معلومآت آلعضو
بلدے •| : اليمن
جنسے •|~ : ذكر
مُشارڪاتے •|~ : 1454
آنضمآمڪْ » : 16/12/2011

تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Empty
مُساهمةموضوع: تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته   تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Emptyالجمعة ديسمبر 23, 2011 8:49 pm

تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته

مقدمة المؤلف

إنَّ الحمد لله نحمَدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا، وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71].



أمَّا بعدُ:

فإنَّ أصدَقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمورِ مُحدَثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.



وبعدُ:

فهذه رسالةٌ رشيقة، وعُجالة أنيقة، اسمها يُخبِر عن رسمها، وفَحواها يُشعِر بمعناها، فهي رسالةٌ صغيرة المبنى، عظيمة المعنى، وما عظم معناها إلا لشرَف مَن تتحدَّث عنه؛ وهو رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم، ولَسْنا في هذه الرسالة نتحدَّث عن أخلاق النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا سُلوكه ولا سِيرته وغَزواته وحجه، ولا متاعه وأولاده وأزواجه، بل نتحدَّث هنا عن تعظيم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووجوب محبَّته واتباع سنَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم.



وقد بعثَنِي على تأليفها الرَّغبة في نيل شفاعة صاحب اللواء المحمود، والحوض المورود، ولَمَّا رأيتُ من كثيرٍ من مسلمي عصري من رُكوبهم على متن عَمياء، وخبطهم كخبط العشواء، فتَراهُم في معرفة السُّنَّة وتعظيمها والعمل بها كالحُبارى في الصَّحارى، والسكارى في الصَّحارى؛ وما ذلك إلا لجهلهم بقدْر السُّنة وعدم وُصولهم إلى منازل المحبِّين المعظِّمين.



فأردتُ أنْ أكتُب في هذا الباب رسالةً شافية وعجالةً كافية، تشتَمِلُ على علالة فوائد المتقدِّمين، وسلالة فرائد المتأخِّرين؛ لتكون مفيدةً وهاديةً إلى الطريقة النقيَّة الصافية.



وليس المقصود ها هنا بالسُّنَّة المندوب أو المسنون أو المستحب، بل المراد أعمُّ من ذلك، فالمراد بالسُّنَّة: السيرة والطريقة، كما قال الحافظ ابن رجب[1]: "والسُّنة هي الطريق المسلوك، فيشمَلُ ذلك التمسُّك بما كان عليه - أي: النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم - هو وخُلَفاؤه الرَّاشدون من الاعتِقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنَّة الكاملة؛ ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلِقُون اسمَ السُّنة إلا على ما يشمَلُ ذلك كله".



فالسُّنَّة بهذا المعنى هي ما كان عليه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الأقوال والأفعال، هي طريقةُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في عبادة الله، هي حياةُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلها، هي صفةُ عِبادته، وطاعته، وجهاده، وسِلمه، ونكاحه، ونومه، وقيامه، وأكله، وشربه، وقضاء حاجته، هي ذِكرُه، واستِغفاره، وتسبيحه، وحمده ومدحه لله - عزَّ وجلَّ - هي منهج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - منذ بُعِث إلى أنْ توفَّاه الله - تعالى.



والمسلِمُ عليه أنْ يتَّبع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ذلك كلِّه، وأنْ يلتزم بسنَّته وأنْ يُعظِّمها وأنْ يعمَلَ بها ويُطبِّقها كما هي من غير إفراطٍ ولا تفريط، فالمسلِمُ الذي يشهَدُ أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، عليه أنْ يفهَم أنَّ مُقتَضى ذلك هو عِبادةُ الله وحدَه على طريقة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكما عبَدَه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالشهادة تَعنِي: توحيد الله في العبادة وإفراده بها وإفراد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالاتِّباع والاقتِداء، فلا يكفي أنْ يُؤدِّي المسلم ما افتَرَضَه الله عليه من العبادات على أيِّ وجهٍ، بل عليه أنْ تكون عبادته على وفق ما صنَع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما قال: ((صلُّوا كما رأيتُمونِي أُصلِّي))، وقال: ((لتَأخُذوا عنِّي مناسِكَكُم)).



وهذا يدلُّ على وُجوب فِعل العبادة، كما كان يفعَلُها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فنُصلِّي كما صَلَّى، ونصومُ كما صام، ونزكِّي كما زكَّى، ونحجُّ كما حجَّ، ونذكُر الله كما ذكَر، ونأمُر بالمعروف وننهى عن المنكر كما أمَر ونهى، ونُسبِّح الله كمَّا سبَّح، ونستغفرُ كما استغفَر، ونعتقدُ ما اعتقَدَه، لا نزيدُ على ذلك ولا ننقص، وهكذا في سائر العِبادات، بل والعقيدة كذلك، فإنَّ السُّنَّة تشملُ الأمور العَقَديَّة العلميَّة، والأمور التعبُّديَّة العمليَّة.



قال النووي في مقدمة كتابه "خلاصة الأحكام": فإنَّه ينبغي لكلِّ أحدٍ أنْ يتخلَّق بأخْلاق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويقتدي بأقواله وأفعاله وتقريره في الأحكام والآداب وسائر معالم الإسلام، وأنْ يعتمد في ذلك ما صحَّ، ويجتنبَ ما ضعف، ولا يغتر بِمُخالِفي السنن الصحيحة، ولا يُقلِّد مُعتَمِدي الأحاديث الضعيفة، فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - قال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]، وقال - تعالى -: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال - تعالى -: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31].



فهذه الآيات وما في مَعناهُنَّ حثٌّ على اتِّباعه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونهانا عن الابتداع والاختراع، وأمرنا الله - سبحانه وتعالى - عند التنازُع بالرُّجوع إلى الله والرسول؛ أي: الكتاب والسُّنَّة، وهذا كلُّه في سُنَّةٍ صَحَّتْ، أمَّا ما لم تصحَّ فكيف تكون سُنَّة؟! وكيف يُحكَم على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قاله أو فعَلَه من غير مُسوِّغ لذلك؟! ولا تغترن بكثْرة المتساهِلين، انتهى كلامه.



والواجب على المسلم أنْ يفهَمَ هذا المعنى، وأنْ يُحافِظ عليه حتى يكون بذلك مُتَّبِعًا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُعظِّمًا لسُنَّته، مُقدِّمًا قولَه وفعلَه على كلِّ قول وفعلٍ؛ فلا يعتقدُ إلا ما اعتقَدَه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يتعبَّد بعبادةٍ لم يتعبَّدها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالقولُ قوله، والفعلُ فعله، والحكمُ حكمه، والرأيُ رأيه، والدين ما شرَعَه وبيَّنَهُ وفصَّلَهُ، فلا يُزاد على ذلك ولا ينقص منه، ولا يُعتَرض عليه، ولا يُردُّ قولُه وفعلُه، بل يُقابَل ذلك منه بالتسليم والقبول والرضا والمحبَّة والانقياد والإذعان؛ كما قال - تعالى -: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].



وهذه الرسالة على صغر حجمها فإنها داعيةٌ إلى ذلك وهاديةٌ إليه، ودالَّة عليه من خِلال أبوابها الأربعة، وهي ما ورد من ذلك في كتاب الله، ثم في سنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم أقوال الصحابة، ثم أقوال التابعين والأئمَّة من بعدهم، وكلُّ نصوصِها دائرةٌ على معنى واحد؛ ألا وهو تعظيمُ السُّنَّة والاتِّباع، وذم مخالفة السُّنَّة والابتِداع، وقد أسميتُها:

(تعظيم ُالنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووجُوبُ محبَّتِهِ وطاعتِهِ واتِّباعِ سُنَّتِهِ والذبِّ عن شريعتِهِ)



ولعلَّ هذه الرسالة تكون عونًا لإخواننا من طلبة العلم والدُّعاة والخطباء والوعَّاظ، وتكون مرجعًا لهم يتبيَّنون به عظم هذه المسألة، ووُجوب تبيينها للناس، ودلالتهم عليها، وإرشادهم وتوجيههم إليها، فكم رأينا في المسلمين من بِدَعٍ ومخالفات وبُعد عن السُّنَّة! وكم رأينا مِن المسلمين مَن يُعارِض السُّنة لشَهوةٍ أو لشُبهةٍ! وكم رأينا من المسلمين مَن يُهوِّن أمرَ السُّنة ولا يعبأ به ولا ينظر إليه! ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.



وقد دخَل على الناس في الدِّين دخَلٌ كثيرٌ وشُبهات وأهواء، والعِصمة من ذلك والنَّجاة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة.



قال ابن الجوزي: في "صيد الخاطر" (ص 193): تأملتُ الدَّخَلَ الذي دخَل في دِيننا من ناحيتي العلم والعمل، فرأيتُه من طريقين قد تقدَّما هذا الدِّين، وأنس الناس بهما، فأمَّا أصل الدَّخَل في العِلم والاعتِقاد فمن الفلسفة، وهو أنَّ خلقًا من العلماء في دِيننا، لم يقنعوا بما قنع به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الانعِكاف على الكتاب والسُّنَّة، فأوغَلُوا في النَّظَرِ في مذاهب أهل الفلسفة، وخاضوا في الكلام الذي حملَهُم على مذاهب رديَّة أفسدوا بها العقائد.



وأمَّا أصل الدَّخَلِ في باب العمل فمن الرهبانيَّة، فإنَّ خلقًا من المتزهِّدين، أخَذُوا عن الرُّهبان طريق التقشُّف، ولم ينظُروا في سِيرة نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه، وسمعوا ذمَّ الدنيا وما فهموا المقصود، فاجتمع لهم الإعراضُ عن عِلم شرعنا مع سُوء الفهم للمقصود، فحدثت منهم بدعٌ قبيحة، فأوَّل ما ابتدأ به إبليس أنَّه أمرهم بالإعراض عن العلم، فدفنوا الكتب وغسلوها، وألزمهم زاوية التعبُّد فيما زعَم، وأظهر لهم من الخزعبلات ما أوجب إقبال العوام عليهم، فجعَل إلههم هواهم، ولو عَلِمُوا أنهم منذ دفَنوا كتبهم وفارَقوا العلم انطفأ مصباحهم، ما فعلوا، لكن إبليس كان دقيق المكر، يوم جعَل علمَهم في دفينٍ تحت الأرض، وبالعلم يُعلَمُ فسادُ الطريقين ويُهتدَى إلى الأصوب؛ نسأل الله - عزَّ وجلَّ - ألاَّ يحرمنا إياه، فإنَّه النور في الظُّلَمِ، والأنيس في الوَحدة، والوزير عند الحادثة، انتهى.



والواجب على المسلم تَتَبُّعُ سُنَّةِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والسؤال عنها وعن الصحيح منها، والحِرص على معرفتها وتعلُّمها والعمل بها في كلِّ عبادة يقومُ بها قوليَّة أو فعليَّة، لا يخرم عنها شيئًا في كبير أو صغير، وهذا هو تحقيق الاتِّباع الذي أُمِرْنا به، وهذا هو تحقيقُ الأسوة بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا هو تعظيم قدر السُّنَّة، الذي يتحقق به الأمن من الضَّلال والشَّقاء.



قال ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص112): تأمَّلت قوله - تعالى -: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: 123]:



قال المفسِّرون: ﴿هُدَايَ﴾ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكتابي، فوجدتُه على الحقيقة أنَّ كلَّ مَن اتَّبع القُرآن والسُّنَّة وعمل بما فيهما، فقد سَلِمَ من الضلال بلا شكٍّ، وارتفع في حقِّه شقاء الآخِرة بلا شك إذا مات على ذلك، وكذلك شَقاء الدنيا فلا يشقى أصلاً.



ويُبيِّن هذا قوله - تعالى -: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]، فإنْ رأيته في شدَّةٍ فله من اليقين بالجزاء ما يصيرُ المصاب عنده عسلاً، وإلا غلب طيب العيش في كلِّ حال، والغالب أنَّه لا ينزل به شدَّة إلا إذا انحرف عن جادَّة التقوى، فأمَّا المُلازِمُ لطريق التقوى فلا آفة تطرقه، ولا بلية تنزل به، هذا هو الأغلب، فإنْ وجد مَن تطرقه البلايا مع التقوى، فذاك في الأغلب لتقدُّم ذنبٍ يُجازَى عليه، فإنْ قدرنا عدمَ الذنب فذاك لإدخال ذَهَبِ صبرِهِ كيرَ البَلاء؛ حتى يخرج تبرًا أحمر، فهو يرى عُذوبة العذاب.



وقال أيضًا في "صيد الخاطر" (ص 188-189): وقَع بيني وبين أرباب الولايات نوعُ معاداةٍ لأجل المذهب؛ فإنِّي كنتُ في مجلس التذكير أُناظِر أنَّ القرآن كلام الله وأنَّه قديم[2]، وأُقدِّم أبا بكر، واتَّفق في أرباب الولايات مَن يميل إلى مذهب الأشعري، وفيهم مَن يميلُ إلى مذهب الروافض، وتمالَؤُوا في الباطن، فقلت يومًا في مناجاتي للحق - سبحانه وتعالى -: سيدي، نَواصِي الكلِّ بيدك، وما فيهم مَن يقدر لي على ضرٍّ إلا أنْ تجريه على يده، وأنت قلتَ - سبحانك -: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 102]، وطيَّبتَ قلب المُبتَلى بقولك: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة: 51]، فإنْ أجريت على أيدي بعضهم ما يُوجِب خذلاني كان خوفي على ما نصرتُه أكثرَ من خوفي على نفسي، لئلا يقال: لو كان على حقٍّ ما خُذل، وإن نظرتُ إلى تقصيري وذُنوبي فإنِّي مستحقٌّ للخذلان، غير أنِّي أعيشُ بما نصرتُه من السُّنة، فأدخِلني في خفارته، وقد استودعني إيَّاك خلق من صالحي عبادك، فإنْ لم تحفظني بي فاحفَظْني بهم.



سيدي، انصُرني على مَن عاداني؛ فإنهم لا يعرفونك كما ينبغي، وهم مُعرِضون عنك على كلِّ حال، وأنا على تقصيري إليك أُنسَبُ، انتهى كلامُه - رحمه الله - فما أحلاه!



وهذه الرسالة قد جمعتُ نُصوصها من عدَّة مصادر مثل: الصحيحين، والسنن، والمسانيد، وكتب العقيدة، والكتب التي أُلِّفتْ عن البدع، إلا أنَّني لم أر كتابًا مستقلاًّ صُنِّفَ في هذه المسألة على هذه الطريقة؛ ممَّا دفعني إلى جمْع هذه النُّصوص الكثيرة المتناثرة في كتابٍ واحد.



وقد اجتمع عندي في ذلك مِئاتُ النُّصوص عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه والتابعين والأئمَّة المتبوعين، وقد جمعتها ورتبتها في هذا التصنيف الجديد، وقد قسمتُه إلى أبوابٍ وفصول ومباحث، وقبل الدُّخول في الباب الأوَّل مهَّدت بين يدي الكتاب بتمهيدٍ ذكرت فيه كلماتٍ جامعة لمحدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - والعلامة الشيخ محمد محمد أبو شهبة وهو من علماء الأزهر الشريف.



الباب الأول: سياق الآيات الواردة في كتاب الله في تعظيم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووجوب محبَّته، وطاعته واتِّباع سنته، والذب عن شريعته، وتحريم أذى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشتمه والاستهزاء به، وبيان أنَّ ذلك كلَّه من الكُفر الأكبر, وفيه تمهيدٌ وفصلان.

الباب الثاني: في تفضيل طريقِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على غيره وضَرورة اتِّباعه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبَيان خَصائصه وعدم الغلوِّ فيه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

البابُ الثالث: سياقُ الأحاديثِ الواردةِ في تعظيم النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وطاعته ووجوب محبَّته واتِّباع سنَّته والذب عن شريعته.

الباب الرابع: وجوب محبَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكثر من كلِّ الخلق، وبَيان مفهوم المحبَّة وعلاماتها وثمراتها.

الباب الخامس: ذكر عدَّة أحاديث في جوازِ التبرُّك بالنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ ذلك من فضله وشرفه وتعظيمه وتوقيره، وبيان خطأ مَن قاس غيره عليه.

الباب السادس: سياقُ ما رُويَ عن أصحابِ رسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في تعظيمِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووجوب محبَّته وطاعته واتِّباع سنَّته والذب عن شريعته.

الباب السابع: سياق ما رُوِي عن التابعين في تعظيم النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتوقيره، ووجوب محبته، وطاعته واتِّباع سنته، والذب عن شريعته.



وأَوَدُّ أنْ ألفت نظَر القارئ الكريم إلى أنَّه قد يفوتُني بعضُ الأشياء، وقد أسوقُ خبرًا لا يشعُر بعض القراء بأنَّه يدلُّ على ما أريدُ، وقد يكون لدى أحدِ إخواننا القُرَّاء ما يدلُّ على ما أريدُه ولكنَّه غاب عنِّي ولم أذكُرْه، وما التوفيق في ذلك كلِّه إلا من الله - تعالى.



كما أودُّ الإشارة إلى أنِّي قد أعرضت عن ذكر بعض الآثار المرفوعة والموقوفة لضَعْفِها ووهنها، ولكن أحيانًا أذكُر بعضَ الآثار عن واحدٍ من الصحابة أو التابعين أو قول إمام، ويكون إسناد ذلك ضعيفًا، ولكنِّي رأيت أنَّ المصلحة في ذكره، والأمر في ذلك سهلٌ، أمَّا الأحاديث المرفوعة فلا.



فدونَك كتابًا يروي كلَّ غَليل، ويشفي كلَّ عَليل، ويُرشد إلى الطريق، ويُنجي - بحول الله - من الحريق.



وأرجو من كلِّ مَن ينتفعُ به أنْ يدعو لي بِحُسن الخاتمة، وخيرِ الدنيا والآخِرة، وأسأل الله أنْ يتقبَّل ذلك بقَبولٍ حسن، وأنْ يحشُرَني في زُمرة العالِمين العامِلين المُجاهِدين في سبيل إعزاز دِينه وكتابه ونبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونصْر الكتاب والسُّنَّة، والدعوة لهما على طريق السلف الصالح، وأنْ يرزُقني بذلك شَفاعةَ النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنْ ينفَعَ به المسلمين أجمعين، وأنْ يردَّنا بفضله وكرَمِه للعمل بكتابه وسُنَّة نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.



تمهيد

كلمات جامعة بين يدي الكتاب


[1]

كلمات العلامة الألباني - رحمه الله -

لقد كتَب الشيخ الألباني - رحمه الله - في هذا الصَّدد كثيرًا في مُختلف كتبه ورسائله، وقد جمَعَه في موضعٍ واحد الشيخ أحمد بن سليمان بن أيوب في كتابه "منتهى الأماني بفوائد مصطلح الحديث للمحدث الألباني"، وقد لخَّصته وهذَّبته لك هاهنا، فجاء فيه (ص24-58):

1- تعريفات حديثيَّة:

لفظ (السُّنَّة): فإنه في اللغة: الطريقة، وهذا يشمَلُ كلَّ ما كان عليه الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الهدى والنُّور فرضًا كان أو نفلاً، وأمَّا اصطلاحًا فهو خاصٌّ بما ليس فرضًا من هديِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلا يجوزُ أنْ يُفسَّر بهذا المعنى الاصطلاحي لفظ (السُّنَّة) الذي ورد في بعض الأحاديث الكريمة؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وعليكم بسنتي))، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فمَن رَغِبَ عن سنَّتي فليس منِّي)).



ومثله الحديثُ الذي يُورِده بعضُ المشايخ المتأخِّرين في الحضِّ على التمسُّك بالسُّنَّة بمعناها الاصطلاحي وهو: ((مَن ترك سنَّتي لم تنَلْه شفاعتي))، فأخطَؤُوا مرَّتين:

الأولى: نسبتهم الحديث إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا أصل له فيما نعلمُ.

الثانية: تفسيرهم للسُّنَّة بالمعنى الاصطلاحي غفلةٌ منهم عن معناها الشرعي، وما أكثر ما يُخطِئ الناس فيما نحنُ فيه بسبب مثل هذه الغفلة!



ولهذا أكثر ما نبَّه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم - رحمهم الله - على ذلك، وأمَرُوا في تفسير الألفاظ الشرعيَّة بالرُّجوع إلى اللغة لا العُرف، وهذا في الحقيقة أصلٌ لما يُسمُّونه اليوم بـ(الدراسة التاريخيَّة للألفاظ).



2- وظيفة السُّنَّة في القُرآن:

تعلمون جميعًا أنَّ الله - تبارك وتعالى - اصطَفَى محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - بنبوَّته واختصَّه برسالته، فأنزَل عليه كتابَه (القُرآن الكريم)، وأمَرَه فيه في جملة ما أمَرَه به أنْ يُبيِّنه للناس؛ فقال - تعالى -: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]، والذي أراهُ أنَّ هذا البَيان المذكور في هذه الآية الكريمة يشتملُ على نوعين من البيان:

الأول: بَيان اللفظ ونظْمه، وهو تبليغُ القُرآن وعدَم كِتمانه، وأداؤه إلى الأمَّة كما أنزَلَه الله - تبارك وتعالى - على قلبِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو المراد بقوله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: 67]، وقد قالت السيدة عائشة - رضِي الله عنها - في حديثٍ لها: ومَن حدَّثكم أنَّ محمدًا كتَم شيئًا أُمِرَ بتبليغه، فقد أعظم على الله الفِرية، ثم تَلَتْ الآية المذكورة[3].



وفي روايةٍ لمسلم: لو كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كاتمًا شيئًا أُمِرَ بتبليغه لكتَم قوله - تعالى -: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: 37].



والآخَر: بيان معنى اللَّفظ أو الجملة أو الآية الذي تحتاجُ الأمَّة إلى بَيانه، وأكثَر ما يكونُ ذلك في الآيات المجملة أو العامَّة أو المطلقة، فتأتي السُّنَّة فتُوضِّح المجمل، وتُخصِّص العام، وتُقيِّد المطلق، وذلك يكونُ بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما يكونُ بفِعله وإقرارِه.



3- ضرورة السُّنَّة لفهْم القُرآن، وأمثلة على ذلك:

وقوله - تعالى -: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38] مثالٌ صالِحٌ لذلك؛ فإنَّ السارق فيه مُطلَق كاليد، فبيَّنتِ السُّنَّة القوليَّة الأوَّل منهما وقيَّدته بالسارق الذي يسرق رُبع دينار بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا قطْع إلا في رُبع دِينار فصاعدًا))[4]، كما بيَّنت الآخَر بفِعله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو فِعل أصحابه وإقراره؛ فإنهم كانوا يقطَعُون يدَ السارق من عند المِفصَل كما هو معروفٌ في كتب الحديث، وبيَّنت السُّنَّة القوليَّة اليد المذكورة في آية التيمُّم: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [النساء: 43]، بأنَّها الكف أيضًا بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((التيمُّم ضربةٌ للوجه والكفَّيْنِ))[5].



وإليكم بعض الآيات الأخرى التي لم يمكن فهمُها فهمًا صحيحًا على مُراد الله - تعالى - إلا من طريق السُّنَّة:

1 - قوله - تعالى -: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، فقد فَهِمَ أصحابُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قوله: ﴿بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: 82] على عُمومه الذي يشمَلُ كلَّ ظلمٍ ولو كان صغيرًا؛ ولذلك استشكلوا الآية فقالوا: يا رسول الله، أيُّنا لم يلبسْ إيمانَه بظُلمٍ؟! فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس بذلك؛ إنما هو الشِّرك، ألا تسمَعُوا إلى قول لقمان: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13])).



2 - قوله - تعالى -: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: 101]، فظاهِرُ هذه الآية يقتضي أنَّ قصْر الصلاة في السفر مشروطٌ له الخوف؛ ولذلك سأل بعضُ الصحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: ما بالُنا نقصر وقد أمنَّا؟ قال: ((صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم، فاقبَلُوا صَدَقتَه))[6].



3 - قوله - تعالى -: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المائدة: 3]، فبيَّنت السُّنَّة القوليَّة أنَّ ميتة الجراد والسمك والكبد والطِّحال من الدَّم حلال؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُحِلَّتْ لنا ميتتان ودَمان: الجراد والحوت (أي: السَّمك بجميع أنواعه)، والكَبِدُ والطِّحال))[7].



4 - قوله - تعالى -: ﴿قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [الأنعام: 145]، ثم جاءَتِ السُّنَّة فحرَّمت أشياء لم تُذكَرْ في هذه الآية؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ ذي نابٍ من السِّباع وكلُّ ذي مِخلَبٍ من الطَّيْرِ حرامٌ)).



وفي الباب أحاديثُ أخرى في النَّهي عن ذلك؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم خيبر: ((إنَّ الله ورسولَه يَنْهَيانِكم عن الحُمر الإنسيَّة؛ فإنها رجسٌ))[8].



5 - قوله - تعالى -: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: 32]، فبيَّنت السُّنَّة أيضًا أنَّ من الزينة ما هو محرَّم، فقد ثبَت عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه خرَج يومًا على أصْحابه وفي إحدى يديه حريرٌ وفي الأخرى ذهبٌ، فقال: ((هذان حَرامٌ على ذُكور أمَّتي حِلٌّ لإناثِهم))[9].



والأحاديث في مَعناه كثيرةٌ معروفةٌ في الصحيحين وغيرهما إلى غير ذلك من الأمثلةِ الكثيرةِ المعروفة لدى أهل العِلم بالحديث والفقه.



وممَّا تقدَّم يتبيَّن لنا أهميَّة السُّنَّة في التشريع الإسلامي، فإنَّنا إذا أعَدْنا النظَر في الأمثلة المذكورة فضلاً عن غيرها ممَّا لم نذكُر، نتيقَّن أنَّه لا سبيلَ إلى فهْم القُرآن الكريم فهمًا صحيحًا إلا مَقرونًا بالسُّنَّة.



ففي المثال الأوَّل: فَهِمَ الصحابة (الظُّلم) المذكور في الآية على ظاهِرِه، ومع أنهم كانوا - رضِي الله عنهم - كما قال ابن مسعود: "أفضل هذه الأمَّة؛ أبرها قُلوبًا، وأعمقها عِلمًا، وأقلها تكلُّفًا"، فإنهم مع ذلك قد أخطؤوا في ذلك الفهْم، فلولا أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ردَّهم عن خطَئِهم، وأرشدهم إلى أنَّ الصواب في (الظُّلم) المذكور إنما هو الشِّرك لاتَّبعناهم على خطَئِهم، ولكنَّ الله - تبارك وتعالى - صانَنا عن ذلك بفضْل إرشادِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسنَّته.



وفي المثال الثاني: لولا الحديثُ المذكور لبقينا شاكِّين على الأقلِّ في قصر الصلاة في السفر في حالة الأمن، إنْ لم نذهبْ إلى اشتراط الخوف فيه كما هو ظاهرُ الآية، وكما تبادَر ذلك لبعض الصحابة، لولا أنهم رأوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقصر ويقصرون معه وقد أمِنُوا.



وفي المثال الثالث: لولا الحديثُ أيضًا لحرَّمنا طيباتٍ أُحِلَّتْ لنا: الجراد والسمك والكبد والطِّحال.



وفي المثال الرابع: لولا الأحاديثُ التي ذكَرْنا فيه بعضها لاستحلَلْنا ما حرَّم الله علينا على لسان نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من السباع وذوي المخلب من الطير.



وكذلك المثال الخامس: لولا الأحاديثُ التي فيه لاستحلَلْنا ما حرَّم الله على لسان نبيِّه من الذهب والحرير، ومن هنا قال بعضُ السَّلَفِ: السُّنَّة تقضي على الكتاب.



4- ضلال المستغنين بالقُرآن عن السُّنَّة:

ومن المؤسِف أنَّه قد وُجِدَ بعض من المفسِّرين والكُتَّاب المعاصرين مَن ذهَب إلى جَواز ما ذكر في المثالين الأخِيرين من إباحة أكْل السِّباع ولبس الذهب والحرير؛ اعتِمادًا على القُرآن فقط، بل وُجِدَ في الوقت الحاضر طائفةٌ يتسمَّوْن بـ(القُرآنيين)؛ يُفسِّرون القُرآن بأهوائهم وعُقولهم، دُون الاستعانة على ذلك بالسُّنَّة الصحيحة، بل السُّنَّة عندهم تبعٌ لأهوائهم، فما وافَقهم منها تشبَّثوا به، وما لم يُوافِقْهم منها نبَذُوه وراءهم ظِهريًّا.



وكأنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد أشارَ إلى هؤلاء بقوله في الحديث الصحيح: ((لا أُلفِيَنَّ أحدَكم مُتَّكِئًا على أريكتِه، يَأتِيه الأمرُ من أمري ممَّا أمرتُ به أو نهيتُ عنه، فيقولُ: لا أدري، ما وجَدْنا في كتاب الله اتَّبَعْناه))[10].

وفي روايةٍ لغيره: ((ما وجَدْنا فيه حَرامًا حرَّمناه، ألا وإنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ ومِثلَه معه)).

وفي أُخرى: ((ألا إنَّ ما حرَّم رسولُ الله مثل ما حرَّم الله)).



بل إنَّ منَ المؤسِف أنَّ بعض الكُتَّاب الأفاضل ألَّف كتابًا في شريعة الإسلام وعقيدته، وذكَر في مقدمته أنَّه ألَّفَه وليس لديه من المراجع إلا القُرآن، فهذا الحديث الصحيح يدلُّ دلالةً قاطعةً على أنَّ الشريعة الإسلاميَّة ليست قرآنًا فقط، وإنما قُرآن وسُنَّة، فمَن تمسَّك بأحدهما دُون الآخَر لم يتمسَّكْ بأحدهما؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يأمُر بالتمسُّك بالآخَر؛ كما قال - تعالى -: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80].



وقال: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36].

وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7].



وبمناسبة هذه الآية يُعجِبني ما ثبَت عن ابن مسعود - رضِي الله عنه - وهو أنَّ امرأةً جاءَتْ إليه فقالت له: أنت الذي تقولُ: لعَن الله النامصات والمتنمِّصات، والواشمات... الحديث؟ قال: نعم، قالت: فإنِّي قرأتُ كتابَ الله من أوَّله إلى آخِره فلم أجدْ فيه ما تقولُ، فقال لها: إنْ كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أمَا قرأت: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7] قالت: بلى، قال: فقد سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لعَن الله النامِصات...)) الحديث[11].



5- عدم كفاية اللغة لفهْم القُرآن:

وممَّا سبق يبدو واضحًا أنَّه لا مجالَ لأحدٍ مهما كان عالِمًا باللغة العربية وآدابها أنْ يفهَم القُرآن الكريم دُون الاستعانة على ذلك بسُنَّة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - القوليَّة والفعليَّة؛ فإنَّه لم يكن أعلم في اللغة من أصحاب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذين نزَل القُرآن بلُغتهم، ولم تكنْ قد شابَتْها لوثة العجمة والعاميَّة واللحن، ومع ذلك فإنهم غلطوا في فهْم الآيات السابقة حين اعتمَدُوا على لغتهم فقط.



وعليه فمن البدهي أنَّ المرء كلَّما كان عالِمًا بالسُّنَّة كان أحرى بفهْم القُرآن واستِنباط الأحكام منه ممَّن هو جاهلٌ بها، فكيف بِمَن هو غير مُعتَدٍّ بها، ولا ملتفت إليها أصلاً؟!



ولذلك كان من القواعد المتَّفق عليها بين أهل العلم: أنْ يُفسَّر القُرآن بالقُرآن والسُّنَّة، ثم بأقوال الصحابة... إلخ.



ومن ذلك يتبيَّن لنا ضلالُ عُلَماء الكلام قديمًا وحديثًا ومخالفتهم للسَّلَفِ - رضِي الله عنهم - في عَقائدهم، فضلاً عن أحكامهم، وهو بُعدُهم عن السُّنَّة والمعرفة بها، وتحكيمهم عقولَهم وأهواءَهم في آيات الصِّفات وغيرها، وما أحسن ما جاء في "شرح العقيدة الطحاوية" (ص212 الطبعة الرابعة):

"وكيف يتكلَّم في أصول الدِّين مَن لا يتلقَّاه من الكتاب والسُّنَّة، وإنما يتلقَّاه من قول فلان؟ وإذا زعَم أنَّه يأخُذه من كتاب الله لا يتلقَّى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا ينظُر فيها، ولا فيما قالَه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، المنقول إلينا عن الثقات الذين تخيرهم النُّقَّاد، فإنهم لم ينقلوا نظْم القُرآن وحدَه، بل نقلوا نظمَه ومعناه، ولا كانوا يتعلَّمون القُرآن كما يتعلَّم الصِّبيان، بل يتعلمونه بمعانيه، ومَن لا يسلك سبيلهم فإنما يتكلَّم برأيه، ومَن يتكلم برأيه وبما يظنُّه دِين الله، ولم يتلقَّ ذلك من الكتاب فهو مأثومٌ وإنْ أصاب، ومَن أخَذ من الكتاب والسُّنَّة فهو مأجورٌ وإنْ أخطأ، لكن إنْ أصاب يُضاعف أجره".



ثم قال (ص 217): "فالواجب كمالُ التسليم للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والانقيادُ لأمره، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق، دون أنْ نُعارِضه بخيالٍ باطلٍ نُسمِّيه معقولاً، أو نحمله شبهةً أو شكًّا أو نُقدِّم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنُوحِّده - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما نُوحِّد المرسِل - سبحانه وتعالى - بالعبادة والخُضوع والذلِّ والإنابة والتوكُّل".



وجملة القول: إنَّ الواجب على المسلمين جميعًا ألاَّ يُفرِّقوا بين القُرآن والسُّنَّة من حيث وُجوب الأخْذ بهما كليهما، وإقامة التشريع عليهما معًا؛ فإنَّ هذا هو الضَّمان لهم ألاَّ يميلوا يمينًا ويسارًا، وألاَّ يرجعوا القَهقَرى ضلالاً.



كما أفصح عن هذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((تركتُ فيكم أمرَيْن لن تضلُّوا ما إنْ تمسَّكتُم بهما: كتاب الله وسنَّتي، ولن يتَفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ))[12].



تنبيه مهم:

ومن البدهي بعد هذا أنْ نقول: إنَّ السُّنَّة التي لها هذه الأهميَّة في التشريع إنما هي السُّنَّة الثابتة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالطُّرق العلميَّة والأسانيد الصحيحة المعروفة عند أهل العلم بالحديث ورجاله، وليست هي التي في بُطون مختلف الكتب من التفسير والفقه والترغيب والترهيب والرقائق والمواعظ وغيرها، فإنَّ فيها كثيرًا من الأحاديث الضعيفة والمنكرة والموضوعة، وبعضها ممَّا يتبرَّأ منه الإسلام؛ مثل حديث هاروت وماروت وقصة الغرانيق.



فالواجب على أهل العلم ولا سيَّما الذين ينشُرون على الناس فقهَهم وفتاويهم ألاَّ يتجرَّؤُوا على الاحتجاج بالحديث إلا بعد التأكُّد من ثبوته، فإنَّ كتب الفقه التي يَرجِعون إليها عادةً مملوءة بالأحاديث الواهية المنكرة وما لا أصلَ له كما هو معروفٌ عند العلماء.



6- ضعف حديث معاذ في الرأي وما يُستَنكر منه:

وقبل أنْ أنهي كلمتي هذه أرى أنَّه لا بُدَّ لي مِن أنْ ألفت الانتباه إلى حديثٍ مشهور قلَّما يخلو منه كتابٌ من كُتُب أصول الفقه لضَعفِه من حيث إسناده، ولتعارُضِه مع ما انتهينا إليه في هذه الكلمة من عدم جَواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسُّنَّة، ووجوب الأخْذ بهما معًا، ألا وهو حديث معاذ بن جبل - رضِي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال له حين أرسَلَه إلى اليمن: ((بِمَ تحكُم؟)) قال: بكتاب الله، قال: ((فإن لم تجدْ؟))، قال: بسنَّة رسول الله، قال: ((فإن لم تجدْ؟))، قال: أجتهدُ رأيي ولا آلُو، قال: ((الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يحبُّ رسولُ الله)).



أمَّا ضعْف إسناده فلا مجالَ لبيانه الآن، وحسبي أنْ أذكُر أنَّ أمير المؤمنين في الحديث؛ الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - قال فيه: (حديث منكر)، وبعد هذا يجوزُ لي أنْ أشرع في بَيان التعارُض الذي أشرت إليه فأقول:



إنَّ حديث معاذ هذا يَضَعُ للحاكم منهجًا في الحُكم على ثلاث مراحل: لا يجوزُ أنْ يبحث عن الحكم في الرأي إلا بعد ألا يجده في السُّنَّة، ولا في السُّنَّة إلا بعد ألا يجده في القُرآن، وهو بالنسبة للرأي منهجٌ صحيحٌ لدى كافَّة العلماء، وكذلك قالوا: إذا ورَد الأثر بطَل النظَر، ولكنَّه بالنسبة للسُّنَّة ليس صحيحًا؛ لأنَّ السُّنَّة حاكمة على كتاب الله ومبيِّنة له، فيجب أنْ يبحث عن الحكم في السُّنَّة، ولو ظنَّ وجوده في الكتاب لما ذكرنا، فليست السُّنَّة مع القُرآن كالرأي مع السُّنَّة، كلا ثم كلا، بل يجبُ اعتبار الكتاب والسُّنَّة مصدرًا واحدًا لا فصْل بينهما أبدًا؛ كما أشار إلى ذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا إنِّي أُوتِيت القُرآنَ ومثلَه معه))؛ يعني: السُّنَّة، وقوله: ((لن يتفرَّقَا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ)).



فالتصنيفُ المذكورُ بينهما غير صحيح؛ لأنَّه يقتضي التفريقَ بينهما، وهذا باطلٌ لما سبق بيانه، فهذا هو الذي أردت أنْ أنبِّه إليه، فإنْ أصبت فمن الله، وإنْ أخطأت فمن نفسي، والله - تعالى - أسأَلُ أنْ يعصمنا وإيَّاكم من الزلَل، ومن كلِّ ما لا يرضيه، وآخِر دَعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.



7- وجوب الرُّجوع إلى السُّنَّة وتحريم مخالَفتها:

إنَّ من المتَّفق عليه بين المسلمين الأوَّلين كافَّةً أنَّ السُّنَّة النبويَّة - على صاحبها أفضَلُ الصَّلاة والسَّلام - هي المرجِع الثاني والأخير في الشَّرع الإسلامي في كلِّ نواحي الحياة من أمورٍ غيبيَّة اعتقاديَّة، أو أحكام عمليَّة أو سياسيَّة أو تربويَّة، وأنَّه لا يجوزُ مخالفتها في شيءٍ من ذلك لرأيٍ أو اجتهادٍ أو قياسٍ؛ كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله - في آخر "الرسالة": "لا يحلُّ القياس والخبَرُ موجودٌ"، ومثله ما اشتهر عند المتأخِّرين من علماء الأصول: "إذا ورَد الأثر بطل النظَرُ"، و"لا اجتهادَ في مورد النصِّ"، ومستندُهم في ذلك الكتاب الكريم والسُّنَّة المطهَّرة.



8- القُرآن يأمُر بالاحتكام إلى سُنَّة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم:

أمَّا الكتاب ففيه آياتٌ كثيرة أجتَزِئ بذِكر بعضها في هذه المقدمة على سبيل الذِّكرى؛ فإنَّ الذكرى تنفَعُ المؤمنين.



1 - قال - تعالى -: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36].



2 - وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1].



3- وقال: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 32].



4 - وقال - عزِّ مِن قائل -: ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا * مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 79-80].



5 - وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: 59].



6 - وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46].



7 - وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: 92].



8 - وقال: ﴿لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].



9 - وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 24].



10 - وقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: 13، 14].



11 - وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60، 61].



12 - وقال - سبحانه -: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 51، 52].



13 - وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7].



14 - وقال - تعالى -: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].



15 - وقال: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 1 - 4].



16 - وقال - تبارك وتعالى -: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44].



الأحاديث الداعية إلى اتِّباع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في كلِّ شيء:

وأمَّا السُّنَّة ففيها الكثيرُ الطيِّب ممَّا يُوجِبُ علينا اتِّباعه - عليه الصلاة والسلام - اتِّباعًا عامًّا في كلِّ شيءٍ من أمور دِيننا، وإليكم النُّصوص الثابتة منها:

1 - عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((كلُّ أمَّتي يدخُلون الجنَّة إلا مَن أبَى))، قالوا: ومَن يأبَى؟ قال: ((مَن أطاعَنِي دخَل الجنَّة، ومَن عَصاني فقد أبى))؛ أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب الاعتصام.



2 - عن جابر بن عبدالله - رضِي الله عنهما - قال: "جاءت ملائكةٌ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو نائمٌ، فقال بعضهم: إنَّه نائم، وقال بعضهم: إنَّ العين نائمةٌ والقلب يقظان، فقالوا: إنَّ لصاحبكم هذا مثلاً فاضرِبُوا له مَثَلاً، فقالوا: مثَلُه كمَثَلِ رجلٍ بنى دارًا، وجعَل فيها مَأدُبةً، وبعث داعيًا، فمَن أجاب الداعي دخَل الدار وأكَل من المأدُبة، ومَن لم يجبِ الدَّاعِي لم يَدخُلِ الدار ولم يَأكُل من المأدُبة، فقالوا: أوِّلُوها يفقهها، فقال بعضهم: إنَّه نائم، وقال بعضهم: إنَّ العين نائمةٌ والقلب يَقظان، فقالوا: فالدار الجنَّة، والدَّاعي محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمَن أطاع محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أطاع الله، ومَن عصَى محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد عصَى الله، ومحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرقٌ بين الناس"؛ أخرجه البخاري أيضًا.



3 - عن أبي موسى - رضِي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنما مثَلِي ومثَل ما بعثَنِي الله به كمثَل رجلٍ أتى قومًا، فقال: يا قوم، إنِّي رأيتُ الجيش بعيني، وإنِّي أنا النَّذيرُ العُريان، فالنَّجاءَ النَّجاءَ، فأطاعَه طائفةٌ من قومه فأَدْلَجُوا، فانطلَقُوا على مهلهم فنجوا، وكذَّبت طائفةٌ منهم فأصبحوا مَكانهم فصبَّحهم الجيشُ فأهلكهم واجتاحَهم، فذلك مثَل مَن أطاعني فاتَّبع ما جِئتُ به، ومثل مَن عَصاني وكذَّب بما جئتُ به من الحق))؛ أخرجه البخاري ومسلم.



4 - عن أبي رافعٍ - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا أُلفِيَنَّ أحدَكم مُتَّكِئًا على أريكته، يَأتِيه الأمرُ من أمري ممَّا أمرتُ به أو نهيتُ عنه فيقولُ: لا أدري، ما وجَدْنا في كتاب الله اتَّبَعْناه، وإلا فلا))؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصحَّحه وابن ماجه والطحاوي وغيرهم بسندٍ صحيح.



5 - عن المقدام بن مَعدِي كَرِب - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا إنِّي أُوتِيتُ القُرآن ومثله معه، ألا يُوشِك رجلٌ شبعان على أريكته يقولُ: عليكم بهذا القُرآن، فما وجدتم فيه من حلالٍ فأحلُّوه، وما وجدتم فيه من حرامٍ فحرِّموه، وإنَّ ما حرَّم رسولُ الله كما حرَّم الله، ألا لا يحلُّ لكم الحمار الأهلي، ولا كلُّ ذي نابٍ من السِّباع، ولا لُقَطة مُعاهد إلا أنْ يستغنِي عنها صاحبُها، ومَن نزل بقومٍ فعليهم أنْ يَقرُوه، فإنْ لم يَقرُوه فله أنْ يُعقِبَهم بمثْل قِراه))؛ رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصحَّحه، وأحمد بسندٍ صحيح.



6 - عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تركتُ فيكم شيئين لن تضلُّوا بعدَهما ما تمسَّكتُم بهما: كتاب الله وسُنَّتي، ولن يتَفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ))؛ أخرجه مالك مرسلاً، والحاكم مسندًا وصحَّحه.



ما تدلُّ عليه النصوص السابقة:

وفي هذه النصوص من الآيات والأحاديث أمورٌ مهمَّة جِدًّا يمكن إجمالها فيما يلي:

1 - أنَّه لا فرْق بين قَضاء الله وقَضاء رسوله، وأنَّ كلاًّ منهما ليس للمؤمن الخيرة في أنْ يُخالِفَهما، وأنَّ عِصيان الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كعِصيان الله - تعالى - وأنَّه ضلالٌ مبين.



2 - أنَّه لا يجوزُ التقدُّم بين يدي الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما لا يجوزُ التقدُّم بين يدي الله - تعالى - وهو كنايةٌ عن عدم جَواز مُخالَفة سنَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال الإمام ابن القيِّم في "إعلام الموقعين" (1/58): أي: لا تقولوا حتى يقول، وتأمُروا حتى يأمُر، ولا تفتوا حتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Miss Kenza
Miss Kenza


..: عضو جديد :..

معلومآت آلعضو
بلدے •| : المغرب
جنسے •|~ : انثى
مُشارڪاتے •|~ : 37
آنضمآمڪْ » : 20/12/2011

تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته   تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Emptyالأحد ديسمبر 25, 2011 8:09 am

سلمت يداك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
м̤̣̈̇.ş
м̤̣̈̇.ş


..: مٌؤَسسْ المُجْتَمعْ :..

..: مٌؤَسسْ المُجْتَمعْ :..
معلومآت آلعضو
بلدے •| : الإمارات
جنسے •|~ : ذكر
مُشارڪاتے •|~ : 1811
آنضمآمڪْ » : 01/12/2011
العمےـر •|~ : 30

تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته   تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته Emptyالأحد ديسمبر 25, 2011 8:16 am

بارك الله فيكـ

على الموضوع الرائع

في أمان الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» سجل حضورك بالصلاة على النبي
» قصة النبي لوط عليه السلام
» قصة النبي يوسف عليه السلام
» محاولة...... قتل النبي صلي الله عليه وسلم
» الصلاه على النبي{معناها،صيغها،أوقاتها ،فوائدها}

خدمات الموضوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته , تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته , تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته ,تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته ,تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته , تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجتمع | ذوق انسان © :: .:: l العـآم l ::. :: زوآيآ عآمهَ ..-