انا و نور - قصة حقيقية ...
" البوستر "
حقيقية بقلم محمود غسان
أنا و نور - قصة حقيقية . . .
أنا اسمي حازم , لقد انتهيت من الثانوية العامة للتو , و ها أنا حائر , ماذا افعل ؟ , التحق بالجامعة ام اتجه إلى الحياة العملية ؟؟ ...
نعم هذا ما حدث ..... , أما عن عائلتي أبي يعمل في احد البنوك فراشا لموظفين البنك و عندما علم بأني اجتزت الثانوية قال لي : " حمدا لله يا بني , ها أنت اجتزت الثانوية العامة بكل مشاكلها , حان الوقت كي تعرف ماذا تريد من حياتك "
قلت له بكل سعادة : " إن مجموعي يخولني لدخول الجامعة التي أريدها "
رد بكل هدوء : " و هل ترى اني املك مالا , كي ادفع لك تكاليف الدراسة على مدى أربع أعوام "
صعقت عندما قال هذه الجملة التي لم أتوقعها على أي حال ..
" حسنا و ما العمل الآن "
- " أريدك ان تساعدني في عملي يا بني ... "
و قبل ان يكمل جملته قلت له : " ماذا تقول ؟؟ هل هذا مصيري ؟ بعد عناء تلك السنين , اعمل خادما للموظفين و الموظفات ؟؟ "
جلس أبي ثم قال : " يا بني , لقد اشتعل الرأس شيبا , و لم اعد قادرا على العمل كما كنت سابقا , من غيرك الذي سوف يـُطعم أمك و أختك الصغيرة ؟ , هيا أخبرني .... "
لم يكن لدي خيار أو حل آخر , لذلك وافقت على العمل لخدمة الناس , شيء بشع بالنسبة لشخص متعلم و طموح مثلي ان يعمل على راحة و خدمة هؤلاء الذين لا يعرفون متاعب و عناء الحياة ...
في البداية كنت ابحث عن عمل في مجالات أخرى و لكني فشلت أكثر من مرة كان ذلك على مر ثلاث سنين حيث تارة اعمل و تارة أخرى اجلس في بيت دون عمل , حتى قلت لن اخسر شيء سوف اعمل مع أبي , و هذه مجرد تجربة حتى تسنح لي فرصة أخرى ....
استيقظت عند الصباح و بدأت في تحضير نفسي " على أحدث موضة " و الجميع يعلم معنى هذه الجملة , حيث الملابس الأنيقة و الرائحة المثيرة و الشعر المصفف بالفازلين , و غيره و غيره ...
- " هيا يا بني كي نستقل هذه الحافلة كي تقّلنا إلى البنك "
ركبت معه الحافلات النقل الجماعي وكانت هذه المرة الأولى لي , حيث منذ الصغر و أنا اعتاد على التنقل بواسطة سيارات الأجرة او بواسطة الدراجة خاصتي , و لكن كان الأمر غريبا حقا حيث لأول مرة أرى كيف تكون الحافلات من الداخل في زحمة المواصلات , حيث أرى هذا المنزعج و الغضب وصل به لمنتهاه , وأخرى تحمل حقيبة يدها بحرص شديد خوفا من السرقة , و أرى سيدة تحمل ابنها بين يديها و هي في قمة حيرتها , لأنه جائع ... والأغرب أن الركاب لا تكف عن استقلال أبدا تلك الوسيلة مهما ازدحمت , فتجد الركاب قد برزوا لخارج الحافلة فتميل من تلك الجهة و يسير بستر من الله وحده ...
رأيت الأمر فى غاية الصعوبة للتنفس فقلت له : " كيف يا أبي تتحمل مثل هذا كل يوم ؟ "
فنظر لي وقال : " أنها رخيصة جدا و تفي بالغرض بالنسبة للراكب و خاصة مثلي الذي عليه الدفع المتطلبات الأكثر أهمية ولا يملك سوى قوت يومه "
رأيت كلامه مقنعا جدا ....
" هيا بنا يا حازم ها هو البنك "
نزلت مع أبي و دخلنا البنك من بوابة دخول العاملين و ارتدى أبي زيّه للعمل , اما أنا فقد أصبح شكلي محرجا قليلا بسبب ملابسي , لكني اعتبرتها نزهة مؤقتة ..
دخلت مع أبي الغرفة التي يعدون فيها عدتهم " البوفيه " فرأيت أشخاص آخرين تعمل نفس عمل أبي ..
حتى رأيت شخص اكبر مني قليلا يحمل صينية فارغة قادما نحونا , حتى رأى أبي و قال :
" مرحبا يا عم جمال , كيف حالك ؟ "
رد أبي و قال : " بخير و أنت يا حسام "
- " حمد الله , من هذا الشاب ؟ " و أشار إلي ...
ابتسم أبي و قال : " انه ولدي فلذة كبدي حازم , سوف يساعدني في العمل هنا "
نظر إلي هذا الحسام نظرة غريبة بسبب مظهري ثم قال لي : " يستحسن لك ان ترتدي ملابس تليق بالعمل "
قالها و غادر , حتى شعرت مع كل هذا انه أفضل مني ...
" يا حازم , يا حازم ... تعال معي "
- " الى أين "
- " خذ هذه الصينية , و تعالي معي "
وأعطاني صينية عليها كعكة من النوع الفاخر و كوب من الشاي الأخضر , فحملتها بصعوبة حتى قال لي بهدوء : " ضع أصابعك هنا و هنا .. حتى تحكم توازنها "
و مع ذلك في منتصف الطريق أوقعت الصينية على الأرض حتى صفعني أبي أمام الموظفين و العاملين مما أحرجني بشدة فذهب أبي مسرعا إلى " البوفيه " واحضر المكنسة كي ينظف ما قمت بفعله للتو و عندما أنتهي امسكني من يدي و ذهبنا الى " البوفيه " مجددا و قمت بنفسي بعمل كوب آخر من الشاي الأخضر ..
تحركت نحو المكتب المنشود بحذر شديد و عيناي لا تكف النظر عن الصينية أتحرك بحذر شديد خوفا من ان تقع مجددا , بينما أبي يتحرك بجانبي بكل خفة وهدوء بابتسامة ملقيا التحية على هذا ومرحبا بذاك حتى وصلت الى المكتب ..
استأذن أبي للدخول حتى سمعت صوت حريمي يقول : " تفضل ! "
دخل أبي أولا و انا من خلفه حتى رأيت فتاة شابة تجلس خلف مكتب بكل كبرياء ترتدي البذلة الرسمية بكل جمال و أناقة , و جمال وجهها سبحان المصور الخلاق , و شعرها الحريري الأسود المتناثر على وجهها و رائحة عطرها المثيرة التي جعلتني أصاب بقشعريرة داخلية , بينما انا شارد الذهن و أتأمل إحدى عجائب الخالق حتى سمعت أبي يصرخ : " هيا يا حازم قــّدم لها الشاي "
ارتبكت في بادئ الأمر حتى قلت : " نعم نعم , بالتأكيد "
فقدمت لها الشاي و الكعكة الفاخرة بينما عيني لا تكف النظر عنها حتى سمعت أبي يقول : " انه حازم ولدي , سوف يعمل هنا لمساعدتي "
بالرغم أني كنت مستاء قليلا من هذا العمل , إلا أني صنعت ابتسامة حقيقة على قبول الأمر هذا ..
نظرت إلي هذه الشابة نظرة إعجاب او أنا حسبتها ذلك , فلم استطع التكهن بعمرها و كان بودي ان اسألها لكن لم يفلح الأمر ...
خرجت من المكتب مع أبي و هو يحدثني عنها بعض المعلومات السطحية عنها التي لم تفيدني بشيء ..
أبي يخدم تقريبا عشرة مكاتب في هذا الطابق , فكلفني أبي بثلاث مكاتب في البداية , و كان من ضمنهم مكتب هذه الشابة الجميلة التي لم أرى لها مثيل في حياتي ....
اعذروني على هذه المبالغة و لكن هذا رأيي بعد تلك المدة من معرفتي بها ..
لن استبق الأحداث , ذهب أبي الى مدير البنك و أخبره بأني سوف أساعده في العمل هنا حتى فترة انقضاء معاش والدي و أني سوف أصبح كأي عامل هنا , جلست مع أبي في نهاية اليوم و قال لي :
" اسمع يا بني , هؤلاء البشر يختلفون عنا نحن الخدم , نعم نحن لسنا في سوق العبيد , او قصر فاحش , و لكننا درجات , لا تتجاوز حدودك مع احد الموظفين و لا تتحدث مع احد , ماذا تريد قهوة ام شاي ام ... ام ... حسنا و تغلق الحوار على هذا , هل سمعتني "
لقد حزنت قليلا لأني لن أستطيع الحديث مع تلك الشابة , فقلت له : " حسنا يا أبي "
فهّم لارتداء ملابسه قلت له : " ما اسم هذه الفتاة التي قدمنا لها الشاي و .... "
توقف أبي عن ارتداء ملا بسه و قال : " من ؟؟ "
قلت بتردد : " الشابة التي ... "
اقترب و قال : " اسمها الآنسة نور "
انتهى من ارتداء ملابسه , و كانت الساعة قد قاربت الرابعة عصرا ...
غادرنا البنك , و شعرت بأني اليوم يوم ميلادي ...
* * * * *
مر ثلاث اشهر على عملي و أصبحت ماهرا في ذلك أقدم المشروبات للموظفين بكل سلاسة و يسر , و أصبح لدي أصدقاء في العمل و منهم حسام و في نهاية الشهر أجد ما يسرني من المال , و لله الحمد الموظفين و الموظفات لم ينسوا العاملين من البقشيش اليومي ..
مع حلول أول يناير , أصيب أبي بنزلة برد شديدة مما الزمه الفراش قرابة أسبوعين , مما سنحت لي الفرصة لمخالفة أوامر أبي ...
جئت في موعدي عند الصباح مرتدي ملابس في قمة الروعة - كي الفت النظر فقط - و ألقيت التحية على صديقي حسام و مضيت سيري نحو " البوفيه " ...
الساعة الآن العاشرة صباحا , قمت بتجهيز الشاي الأخضر مع نفس الكعكة الفاخرة و تحركت نحو مكتب الآنسة نور و طلبت الإذن للدخول حتى سمحت لي ..
دخلت مكتبها و قلت لها : " صباح الخير يا آنسة نور "
لم ألاحظ إلا و نظرت إلي و رأتني على غير العادة تركت ما بيدها و قالت : " ما هذه الأناقة ؟؟ "
أخجلت قليلا و قلت : " أشكرك جدا يا آنسة نور , و لكن هذا لا يساوي شيئا بتاتا أمام أناقتك و مظهرك "
تركتني و نظرت إلى ملابسها بهدوء فقلت : " هل قلت شي سبب لك إزعاج ؟ "
فقالت لي بهدوء : " هل ملابسي بها شيءٌ معيب "
سرعان ما قلت كي ابعد عنها هذه الفكرة و انا اقترب بسرعة : " لا لا , العكس تمام "
و توقفت أمام مكتبها و قلت : " انا اقصد ان مظهرك جميل , ليس إلا ... "
ردت بعدما مسكت قلمها : " أشكرك يا حازم "
شعرت بالتجاهل قليلا , ما كان علي فعله إلا مغادرة المكتب ....
ذهبت الى " البوفيه " و قمت بتجهيز طلبات الموظفين الآخرين , حيث في هذا العالم رأيت أناس غريبة الشكل و المظهر , لم أكن أتوقعه ...
بعد ساعتان طلبت مني ان احضر لها فنجان من القهوة , قمت بتجهيزه لها بطريقة خاصة و أتيت حاملا الصينية و دخلت مكتبها فرأيتها تتحدث عبر هاتفها , شعرت بالإحراج , تقدمت خطوة نحو مكتبها و صببتها و قدمتها لها .. و لكني لا أريد ان انصرف دون ان اكلمها , لان عليّ طلبات آخرى , ماذا افعل ...
حتى قلت لها : " هل تريدي مني شيئا آخر "
و لكنها لم ترد لي جوابا , و انا أحب الإزعاج فقمت بتكرار جملتي : " يا آنسة هل تريدي مني شيئا آخر "
لم الاحظ و الا تركت الهاتف و قالت بأنوثة و بابتسامة ساحرة : " انتظر يا عم " و أمسكت الهاتف مرة أخرى تتحدث ..
لا اعلم ما أصابني , كدت أغشى او افقد الوعي , او حتى أقولها لها كلمة قد أتسبب في طردي من هذا المكان .. , لم أتكلم و لكنها أنثى بمعنى كلمة , أنثى كاملة , لا ينقصها شيء ...
أغلقت هاتفها و انا جامدا أمامها , نظرت إلي نظرة و كأنها تقول ماذا تريد ...
فقلت لها : " يا آنسة هل تريدي مني شيئا آخر ؟ "
نهضت و كأنها تذكرت : " أوه نعم ... "
ثم أضافت : " أريد منك ان ... ان ..... "
ثم وقفت أمامي تماما حتى شممت رائحتها الذكية بشدة فقالت بسحر : " ماذا أريد منك ؟ "
فضحك كل منا فى ذات الوقت , حتى شعرت بأنها بدأت تعتبرني قريبا منها ...
مرت الأيام , و بدأت أعجب بهذه الفتاة بشدة , و لكن موقفها حساس , ماذا افعل حيال هذا الأمر ... ؟
في ذات يوم تأخرت ساعتان عن العمل و بالطبع كان هذا بسببها , فقد كانت فتاة أحلامي طوال الليل , لم أكن أريد ان استيقظ و يضيع حلم قد يصبح حقيقة ...
وصلت البنك متأخرا بينما أبي لم يعد قادرا على تحمل العمل , لذلك أصبحت انا بديلا عنه , و جراء ذلك فرض المدير عقوبة عليّ بسبب التأخير , فسرعان ما ذهبت الى " البوفيه " و قمت بتجهيز المطلوب للآنسة نور ...
عندما دخلت مكتبها صرخت و قالت : " حازم , ما الذي أتى بك متأخرا ؟؟ "
قدمت لها الشاي و الكعكة و قلت : " اعتذر لكِ و لكني استيقظت متأخرا "
جلست و أخذت رشفة من الشاي ثم قالت : " ألا يوجد لديكم منبه ؟ "
- " بلى و لكني لا أحبه "
- " من ؟؟ "
قلت باستغراب : " المنبه ... لا أحبه ! "
عدلت موضعها ثم قالت مبتسمة : " ما رأيك بمن لديه الحل ؟ "
بلهفة : " أكون شاكرا له , فأنا لا أريد عقوبة جديدة "
- " حسنا اعطني رقم هاتفك و انا سوف أيقظك كل يوم بنفسي .. "
هل هذا حقيقي , لا أعلم , ربما مازلت في البيت بل و نائما و مازلت احلـُم ...
فجأة قالت لي باندهاش : " لا تريد ان تعطيني رقم هاتفك "
بسرعة شديدة : " العكس تماما , تفضلي ها هو رقمي "
و قمت بكتابته على ورقة أمامها ..
فنظرت إلي و قالت : " حسنا يا حازم , سوف أيقظك كل يوم عند الساعة .... "
قاطعتها و قلت بثقة : " عندما تستيقظي .. "
باندهاش : " حـ....سـ.....نا "
- " هل تريدي شيئا آخر يا آنسة "
- " المعذرة يا حازم , هل لي ان اطلب منك طلب خاص جدا "
- " بالطبع انا في خدمتك "
فقالت بتردد : " هل لك .... ان تناديني نور فقط بدون آنسة "
لا لا أنا مازلت احلـُم , هل هذا معقول ؟؟؟
فقلت لها بسعادة : " حسنا , لكي هذا "
فعدلت موضعي و قلت لها : " هل تريدي شيئا آخر يا نور "
شعرت بالسعادة التي غمرتها عندما قلت لها نور لا اعلم ما السبب و لكن مستعد ان أقوم بأي شيء كي اجعلها سعيدة هكذا ...
- " لا أشكرك يا حازم "
تركتها و ذهبت إلى " البوفيه " فوجدت حسام يقول لي : " ما الأمر يا حازم , لماذا أتيت متأخرا "
جلست و انا أتحدث معه : " استيقظت متأخرا ... "
سمعت ضحكة منه فنظرت إليه و قلت : " ما الأمر ؟؟؟ "
- " ولماذا استيقظت متأخرا ؟ "
- " لا عليك "
- " حسنا خذ هذه الصينية و قدمها للأستاذ محمود لقد طلب القهوة منذ ساعة "
أخذت الصينية منه و قدمتها للأستاذ محمود الذي يقع مكتبه بجوار مكتب نور , كنت أتمنى ان تفتح باب مكتبها كي أراها مجددا , لكني لم ألاحظ إلا فتاة طويلة تسألني عن مكتب الأستاذة نور ..
فقلت لها باستغراب : " المعذرة و من أنتي ؟ "
قالت بتنهد : " أنا سلمى صديقتها , أين يقع مكتبها "
جاءت الفرصة لي , فقلت لها : " من فضلك انتظريني هنا "
دخلت مكتب نور و قلت لها : " في الخارج فتاة تدعى سلمى ... تقول ان ...... "
دون ان أكمل عبارتي لم ألاحظ إلا ان قامت بسرعة من مكتبها و هي تصرخ : " سلمى حبيبتي "
فذهبت إليها و تركتي وحيدا في مكتبها حتى رأيتها قادمة و معها سلمى صديقتها ..
فجلست نور على مقعدها من ثم سلمى , حتى قالت لها : " سلمى أين كنتي ؟ "
- " كنا في أسبانيا , و لقد عدت منذ أسبوع واحد "
- " و كيف عرفتي مكان عملي "
ضحكت و قالت : " لقد سألت هدى سالم عنك و طلبت أن أأتي دون ان أخبرك "
ضحكت نور ضحكة مليئة بالأنوثة الساحرة , كنت أود ان أقول لها شيئا , أي شيئا يعزز مكانتي عندها ..
حتى قالت : " سلمى , قهوة ام شاي ام شيء بارد ؟ "
نظرت إلي بكل كبرياء و قالت : " احضر لي شرابا باردا , من فضلك "
فقلت في نفسي لا احدا أكثر برودة منك , و تركتها و مضيت سيري نحو " البوفية "
قمت بعمل لها شرابا باردا و طلبت من حسام انه يقدمه لها , لأني منزعج من هذه المتسلطة ..
فرحب حسام بذلك و يشكر على هذا الموقف ...
فظللت أتلصص حتى دخل مكتبها و خرج , فرأيته قادم نحوي و لكن لم اعره اهتماما حتى أقترب مني و قال :
" لقد سألتني عنك "
- " و أنت ... ماذا قلت لها "
- " لا شيء فقط .... فقط منشغل بأمر ما "
- " جيد أشكرك "
بعد مرور ساعتان , رأيت هذه الفتاة تودع نور بحرارة فرأيتها تمر بالقرب مني و تنظر إلي نظرات غريبة لم افهم معناها بتاتا , فقلت هذا شي عادي ...
* * * * *
عند الصباح الباكر رن هاتفي برنة غير معهودة , استيقظت بتثاقل و أخذت هاتفي و أجبت على الفور :
" مرحبا ... "
سمعت صوتا ناعم , رقيق , لا يستطيع الشعراء ان توصفه , او حتى ان تقلده
- " قلت من معي ؟ ؟ "
سمعتها ترد بأنوثة طاغية : " انا نور , بهذه السرعة نسيتني "
أنها نور نائمة , ما هذا الهناء و السعادة التي تنتظرني ,
حتى قالت : " حازم .. هلا تستيقظ و تتابع عملك "
فقلت لها بتلقائية : " أين أنتي "
- " في البيت حتما "
- " لالا اقصد أين بالتحديد ؟ "
بتردد : " في غرفتي "
- " اقصد ما هو وضعك الآن ؟؟ "
ضحكت ضحكة خفيفة و قالت : " نائمة ! "
- " حسنا عشر دقائق و سأحضر لك الشاي الأخضر و الكعكة "
- " حسنا مع السلامة "
- " مع السلامة "
و أغلقت على الفور
انا سعيد , نعم , لم اشعر بهذه سعادة من زمن طويل , نعم ...
أخذت اركض في غرفتي الصغيرة و اقفز في أرجائها هنا و هناك , لم اصدق نفسي ...
وصلت البنك باكرا , حتى رآني مدير البنك يقول لي : " ها ... حازم وصل باكرا , لماذا "
ابتسمت و قلت له : " لن أتأخر بعد الآن "
فقال بكبرياء : " من اجل العقوبة أليس كذلك "
نظرت إليه دون ان أحدثه حتى قلت : " لا .... أشكرك "
وتركته و مضيت سيري نحو " البوفيه "
جلست عند باب " البوفيه " أراقب مكتب نور , لم تصل الى الآن ... لماذا ؟ , لقد تأخرت عشر دقائق , ماذا افعل , سوف اتصل بها اطمئن عليها ...
أخذت هاتفي و بسرعة اتصلت بآخر رقم وصل لي
انترظت قليلا حتى سمعت صوتها فقلت : " مرحبا آنسة نور "
- " مرحبا حازم , ما الأمر ؟ "
- " لا شيء أطلاقا و لكنك تأخرتي , أليس كذلك "
ضحكت ضحكة خفيفة ثم قالت : " لالا أنها زحمة المرور , أنا قادمة الآن "
- " حسنا مع السلامة "
و أغلقت الهاتف و قلت بصوت عالي : " أنا أحبك يا نور "
حتى قدم حسام و أفزعني بقوله : " مرحباااا "
نهضت على الفور و قلت : " ما الأمر ؟ "
يتحرك و هو متجه نحو موقعه : " قم بتجهيز قهوة السيد عادل كي أقدمها له "
- " حسنا "
بعد دقائق رأيتها نور قادمة و في يديها مفاتيح مكتبها , اقتربت أكثر و أكثر , و لكني توقعت أن تمر أولا ترمي السلام عليّ , لكنها لم تفعل , فلا بأس لا أريد ان احد يراها و يقول لها كلمة قد تزعجها ...
دخلت مكتبها بينما أنا أقوم بتجهيز الشاي الأخضر و الكعكة الفاخرة ....
حملتهما على صينية و توجهت إلى مكتبها و طلبت إذن الدخول فسمحت لي فرأيتها على غير طبيعتها , هذه أول مرة تضيع مساحيق تجميل على وجهها و لكني اندهشت قليلا ....
فرحبت بي قائلة : " كيف حالك يا حازم "
- " الحمد لله , أشكرك لأنك كنتي سبب في إيقاظي اليوم "
- " العكس تمام انا فرحة لذلك "
قدمت لها الشاي و الكعكة و هممت للخروج ولكن وقفت فجأة و قلت لها :
" المعذرة و لكن لماذا تضعين مساحيق تجميل على وجهك "
لم ألاحظ و إلا أخرجت من حقيبتها مرآة صغيرة و أخذت تمسح تلك المساحيق بواسطة المناديل بكل حرج
فقالت : " أنا آسفة حقا , لقد كنت أمس في حفلة و نسيت ان امسح تلك المساحيق "
شعرت بأني تدخلت في مالا يعنيني , فقلت لها : " لا بالعكس تمام انا اعتذر ... "
- " لا عليك "
- " هل تريدي مني شيئا آخر "
بعدما انتهت من مسح المساحيق من على وجهها قالت :
" اعلم ان هذا ليس من عملك و لكن هناك مستندات أريد ان تجلبها لي من الأستاذ عادل "
- " حسنا , لا عليك ... "
- " أشكرك تفضل "
ارتبكت وتغير لون وجهها و أخذت تقلب فى الأوراق من أمامها , - لم تكن هكذا منذ قليل - , يبد ان أخجلتها يا ليتني لم اذكر لها ذلك , اللعنة علي , ربما وضعت تلك المساحيق من أجلي , سحقا لي ....
خرجت من مكتبها متوجها نحو مكتب الأستاذ عادل فطلبت منه المستندات الخاصة بالآنسة نور فأعطاني أيها , وأخذتهم جميعا و ذهبت الى مكتبها و دخلت عليها بهدوء و قلت :
" لقد جلبت لكي المستندات التي قمتي بطلبها .. "
- " أشكرك "
- " تفضلي " و ناولتها تلك المستندات و انصرفت على الفور ...
قد قارب اليوم على الانتهاء , لم ألاحظ و إلا نور طلبتني دون ان تضع سببا لذلك ..
فدخلت عليها فقالت لي قالت : " هل أنت مشغول ؟ "
- " لا ما الأمر "
حدثتني بعد أهمية : " لالا تعال اجلس هنا "
فجلست أمام مكتبها و بدأت تتحدث معي و كأنها تختبرني , و بدأنا ندخل في التفاصيل حتى قالت لي في النهاية : " كم يبلغ عمرك ؟؟ "
- " انا عمري 21 عاما "
ضحكت و قالت : " أرأيت أنا اكبر منك بـأربع سنين "
اصطنعت ابتسامة و قلت : " حقا ؟؟ "
- " نعم , في نهاية السنة التي مضت أتممت 25 عاما "
ما الأمر ؟ هل هذا حقيقي , هل هذه الفتاة التي ... التي ..... نعم التي أحبها تكبر عني بـأربع سنوات , هذا غير معقول , هذا غير منطقي , كيف هذا ...
عندما رأتني نور شارد الذهن أشارت بيدها و هي تقول : " هاي ... اين أنت "
- " نعم نعم ... انا هنا ... "
فسألتها بسرعة : " هل أنتي مخطوبة ؟ "
نظرت الي يديها و قالت : " هل أنا ارتدي محبس الخطوبة ؟؟ "
بإندهاش : " لا "
- " حسنا , .... "
و بدأنا نتكلم في أمور الدارسة حتى ذات مرة لا اعلم اذا كانت أخطأت ام أنها فعلت ذلك عن عمد قالت :
" لا لا انتظر يا حبيبي ... " لم الحظ إلا و أنها كتمت باقي الكلام ثم قالت : " آسفة انا آسفة ... "
صمتت لفترة قصيرة ثم أكملت حديثها بطريقة عادية جدا و كأن شيء لم يكن ...
* * * * *
مر اليوم التالي , و نور أيقظتني بنفسها مجددا ...
ولكن اليوم قررت بأن اخبرها بأني أحبها .... و لكن كيف أخاف ان تقوم بتقديم شكوى ضدي و اخسرها للأبد ... حسنا يجب ان اخبرها بطريقة غير مباشرة ...
دخلت على مكتبها و قدمت لها الشاي الأخضر و الكعكة الفاخرة , فطلبت مني ان اجلب لها بعض المستندات من الأستاذ عادل فرحبت بذلك ..
خرجت من مكتبها متوجها نحو مكتب الأستاذ عادل فطلبت منه المستندات الخاصة بالآنسة نور فأعطاني إياها و ذهبت الى البوفيه على الفور ...
لم يكن هناك أحدا , حتى سنحت لي الفرصة ان افعل ما نويت ان افعله ..
أخذت الكراسة التي تحتوي على حسابات الموظفين و دسست فيها ورقة تحتوي على ثلاث كلمات
" I Love You "
أخذت تلك المستندات مع تلك الكراسة الصغيرة و ذهبت بها الى مكتبها على الفور
- " تفضلي ها هي المستندات .. "
- " أشكرك "
- " تفضلي " و ناولتها تلك المستندات و انصرفت على الفور ...
جلست على مقعدي في " البوفيه " و أخذت أفكر هل قرأتها , هل قرأتها ... , لا اعلم , حسنا كيف سوف اعرف ... ؟
مرت ساعة تقريبا , حتى رأيت حسام يبحث عن شيئا ما فقلت له : " عن أي شيء تبحث ؟ "
رد بتلقائية : " الكراسة التي نسجل عليها حساب الموظفين لا أجدها ؟ "
نهضت و قلت له : " سوف ابحث لك عنها , الآن خذه هذه القهوة الى الأستاذ منير و عندما تعد سوف تجدها إن شاء الله "
بسرعة ذهبت الى نور و قلت لها : " هل تريدي شيئا لم تطلبي شرابا منذ ... تقريبا ساعة "
ضحكت نور ثم قالت : " لا أشكرك , لا أريد شيئا "
و تركتني و ظلت تتأمل ما لديها من الأوراق , ماذا افعل ... ماذا افعل ... فقلت لها بسرعة عندما رأيت جزء من تلك الكراسة : " اوه , ان هذه الكراسة لنا , يبدوا أني جلبتها مع المستندات خاصتك , اعتذر لكي "
- " لا عليك تفضل خذها "
كنت أود ان تعطيني إياها بنفسها لكن لم تفعل ....
حتى أخذتها و خرجت و لم ألاحظ عليها أي تعابير مختلفة على وجهها , ربما لم تقرأ تلك العبارة ...
أخذت الورقة من داخل الكراسة و دسستها في جيبي , و تظاهرات بأني وجدتها في مرمى " البوفيه "
انتهى اليوم على ذلك ...
مضى قرابة أسبوعان على نفس المنوال ....
كل ما ادخل عليها أدس لها تلك الورقة في أي مكان و لكنها تتظاهر بأنها مهتمة بشيء آخر , و أنا متأكد بأنها رأتها و لكنها لم تبدي ذلك ... , ماذا افعل , لقد أرسلت إليها أغاني و كأني اطلب رأيها فيها و جميع تلك الأغاني تعبر عن حبي لها , و إعجابي بها و أني اسألها اذا كانت ترضى بي ام لا ..
في يوم كنت في " البوفيه " و جالس بجواري حسام , سألته بطريقة عابرة : " لماذا لم ترتبط الى الآن ؟ "
ضحك و قال : " لست مطر لذلك , النساء كثيرون و يوم ما أود الزواج بتأكيد سوف أجد الآلاف , و لكن الآن أريد الاستمتاع بملذات الحياة قبل دخولي المعتقل ... "
ضحكت و قلت له : " لهذه الدرجة ؟ "
- " بلى "
- وقف حسام و قال : " هل تريد شاي ؟ "
- " حسنا , لا بأس "
و بدأ في تحضير الشاي حتى سألته : " ما رأيك إذا مثلا ارتبطت بشابة اكبر منك قليلا ؟ "
رد دون ان ينظر إلي : " تقصد أنت و نور ؟ "
احمر وجهي على الفور , نهضت بسرعة و قلت بتردد : " ما..ذا ... ماذا تقصد ؟ ؟ "
التفت إلي و قال بثقة : " اقصد أنت و نور ؟ "
لم أستطيع الإجابة , و كأني شعرت بان قصتي أصبحت على الملأ و الجميع على علم بها ...
ثم قال : " تفضل هذا الشاي لك "
و أخذت منه الكوب و جلسنا مجددا , حتى سمعته يقول : " لا تقلق , هذا السر لن يعرف به أحد , و لكن ماذا تنوي أن تفعل , الأمر معقد , أليس كذلك "
نظرت الى الأرض و قلت : " اعلم و لكن ما الحل , انا اعرف تماما أنها على علم بي , و لكن تتجاهلني "
- " ربما لأنها تقدرك و تحترمك و لا تريد ان تجرحك "
فقلت بيأس : " أنها كذلك تزيد ناري نار .. "
- " اهدأ يا حازم , لدي فكرة "
- " ما هي ؟؟ "
- " اخبرها بأنك تريد ان تترك العمل هنا "
- " و ..... "
- " و انك لم تستطيع العمل هنا لأسبابك الخاصة "
- " و اذا طلبت معرفتها ؟ "
سكت قليلا ثم قال : " حاول ان تختلق لها قصص لا حل لها "
بدأت في التفكير قليلا ربما هو على صواب فقلت فجأة : " و إذا فشلت هذه الخطة "
- " لا تقلق , لن تفشل .. "
ثم أضاف : " و لكن تأكد انك تريدها يا حازم , لا تتسرع و تجرح قلبها .. و اذا كانت تريدك سوف تصّر على بقاءك هنا ام اذا ...... "
- " الحق معك "
ربما هذه القصة سوف تجيد نفعا , و لكن إذا تقلبت الأمور و قالت أتمنى لك مستقبل أفضل , ماذا افعل ...
طلبت الإذن للدخول فدخلت حتى سمعت " تفضل "
- " مرحبا , آنسة نور "
- " تفضل , يا حازم , لقد طلبت بيتزا سوف تصل قريبا , تعال "
- " ماذا ؟ "
- " اليوم انتهى , و انا ادعوك على الغداء , هل ترفض دعوتي "
- " لا لا بالعكس تماما , و لكن ... "
قاطعني صوت الطارق بقوله : " سيدتي "
فقالت له : " ادخل "
فرأيت رجل التوصيل يحمل بيتزا فاخرة كما قالت نور منذ قليل , فدفعت له الفاتورة و غادر على الفور ..
لأول مرة أرى هذه المشهد بلى أعيشه , فتاة بجمالها و بمركزها تدعو خادمها على الغداء و في مكتبها ..
أخذت حصتي من البيتزا و هي كذلك , كنا نتبادل القطع كما لو كنا زوجين متفاهمين و هذا ما تمنيته ...
و قبل أن افرغ من الطعام قالت لي : " ماذا كنت تريد مني ؟؟ "
قلت لها بتردد : " أنا اعتذر لكي و لكني لن أأتي بعد اليوم "
صدمت عندما سمعت تلك الكلمات حتى وقعت منها قطعة البيتزا التي تأكل منها و قالت :
" لماذا , ما الأمر , هل هناك من أزعجك "
- " لالا العكس , و لكني لم اعد صالحا لعمل مثل هذا , أريد ان اعمل في جهات أخرى .. "
- " لماذا .. ؟ "
بتردد : " لقد تعبت من هذا المكان , .. "
- " اردد نفس السؤال لماذا ؟ "
- " أرجوك يا آنسة نور ... "
- " حسنا يا حازم , كما تريد "
شعرت بأنها حزينة , لا تنظر إلي , و لا تأكل , و و كأنها سمعت خبر وفاة أحد أقربائها , حتى قلت لها :
" من فضلك تناولي تلك القطعة المتبقية "
فصرخت و قالت : " لا "
شعرت بالإحراج فقلت لها : " هل تريدي مني شيئا ؟ "
ردت عليّ دون ان تنظر إلي : " لا تفضل "
و خرجت الى البوفيه فرأيت حسام في انتظاري و يقول : " ها .. ماذا حدث "
شرحت له بأنها دعتني على بيتزا و في نهاية الجلسة قلت لها ..
فصرخ و قال : " أنت جبار .. "
- " هذه الفتاة دعتك على بيتزا فاخرة و أنت بقلبك الحجر هذا قلت لها بأنك سوف تترك العمل ؟؟ "
- " نعم هذا ما حدث "
فردت و قال بيأس : " أنت عكست الأمور ...... , كان الله في عونك "
* * * * *
طلبت من المدير إجازة لمدة أسبوع كي أرى ما سوف يحدث خلال هذه المدة , و لكن لم تضف جديدا ...
حتى سمعت من حسام بأنها أقلعت عن الشاي الأخضر و الكعكة منذ أن تركت العمل ...
و بعد انتهاء الأسبوع اتصلت بنور كي أطمئن عليها , فكان صوتها هادئ و ناعم جدا :
" مرحبا يا حازم كيف حالك و كيف حال العمل جديد ؟ "
فقلت لها : " بخير و أنتي كيف حالك "
- " و انا أيضا بخير "
فقلت لها بثقة : " نور .... ! "
ردت بسرعة : " ماذا "
- " أنا أحبك "
أحرجت نور بشدة و تمتمت بكلمات لم افهمها و لكن شعرت بأنها سعيدة بذلك
حتى قالت بصوت ينم عن الفرح : " مع السلام يا حازم "
لقد كنت سعيدا جدا , كانت هذه أول مرة في حياتي انطق بكلمة أحبك , لم أتلفظ بها قط لأي أحد , و ها قد جاء موعدها .. كم انا سعيد ... و لكن هذا لا يعني بأنها وافقت بي ..
اليوم التالي ذهبت إلى البنك و بدأ عملي بشكل طبيعي , أتحدث مع نور بطريقة رسمية فقط و لم نتحدث عني و عنها قرابة يومين ...
و في اليوم الثالث في نهاية اليوم طلبت مني أن اجلس معها كي نتحدث قليلا ...
- " حازم , انا اعلم ان الأمر صعب عليك , و لكن يجب ان تتفهم هذا "
- " المعذرة , ماذا تقصدي ؟ "
- " اقصد السن , انا اكبر منك بأربع أعوام , و هذا سوف يسبب لك مشكلة بالتأكيد "
ابتسمت و قلت : " لا ... "
ضحكت ضحكة خفيفة و قالت : " اسمعني يا حازم , الأمر معقد صدقني , و انا أيضا احبك و لكن الأمر أكبر مني و منك "
فرحت جدا لأني سمعت تلك الكلمة منها فقلت في سعادة : " الأمر أكبر مني و منك , كيف ؟ "
- " والدي لن يرضى بهذه السهولة ؟ "
- " لأني اعمل فراشا لديكم ؟؟ "
بسرعة : " لا لا لا , لكن .... "
ثم أضافت : " صدقني , .. "
حزنت قليلا و قلت لها : " انا احبك , و أريدك ان تكوني زوجة لي , هل هذا كثير ؟؟ "
- " بالطبع لا , أنت شاب في مقتبل العمر , سوف تجد الفتاة التي تسرك .. "
- " حسنا يا نور , لن تري وجهي بعد اليوم "
صرخت بسرعة و قالت : " لا لا لا ... لم اقصد هذا "
سكتت ثم قالت : " لا أريد ان تترك العمل هنا , و في نفس الوقت أنا أصبحت اعتمد عليك و لا اعتقد أني أستطيع العمل هنا بدونك , صدقني يا حازم "
- " أنتي تريديني ان أبقى بجوارك , دون ارتباط ؟ , لقد قمت بتسهيل الأمر , اذا كنتي تحبينني فعلا "
ظلت تفكر و تفكر حتى قالت : " ماذا سوف تفعل ؟ "
- " سوف اخبر والدك بأني احبك و أريد الزواج منك .. "
فرحت نور كثيرا و لكن شعرت بأن شيء ما تخفيه بداخلها ...
فأمسكت يديها على الفور و قبلت كفها برفق و قلت لها : " أني احبك و ولم ولن أتمنى انسانة لي غيرك "
فقالت دون ان تنظر إلي : " أخاف ان يكون تعلقك بي شيء مؤقت , أخاف بعد مرور زمن تدرك بأنك أسئت الاختيار "
فقلت بهدوء : " لا يا حبيبتي , لن اسمح لهذا ان يحدث "
علمت لاحقا بأنها معقدة من الرجال بسبب تجربة ما , لذلك لم ترتبط بأحد طوال هذه الفترة ..
أصبحنا نتبادل الاتصال دائما و في كل مرة اعبر لها عن حبي , و أني أتمنى و ان أرها كل اليوم ...
تركت العمل في البنك و عملت في مركز أعلى قليلا براتب أفضل كي أستطيع ان أوفر لها كل ما تحتاجه , تقدمت الى والدها و طلبت يدها منه , فنظر الي نظرات غريبة فتنبأت بالرفض , و لكن والدها سامحه الله فرض بعض الشروط التعجيزية كي أنال ابنته , و انا أسعى إلى تحقيق ذلك ...
تمت بعون الله
كتبت بواسطة محمود غسان