كتبت متأملة السماء الزرقاء، التي تخللتها الغيوم البيضاء،كلمات من القلب، وبينما لقوس المطر كنت أراقب، وضعت لها لحنا بقيثارة الذهب، فوجدت بين سطورها أملا تائها، ما كان ملونا ولا لي موجها، سألته عن طريقه، فإذ به نسيه، سألته عن عنوانه، فإذ به أهمله، سألته من أين جاء، فأجابني من مكان من ضياء، أسواره من ماء، و في داخله حياة و ثراء، فسألته:أمن قلب المحيط؟، فأجابني أي نعم والله المحيط، سألته عن السبب، فأجابني و ليس هو بمضطرب، أنه قد أتى، بعد أن اكتفى من برد القلوب، وقال لي إنه قد فر من قلب طروب، ضاقت به البحار في وقت الغروب، و بدأ يروي لي بصوت هادئ كما هو المحيط الهادي، عن حورية ماء،تشتاق لتنفس الهواء.
ليان حورية ماء، عاشت صغرها في ثراء ، عاشت بين أخواتها، كالأميرة الماكثة في عرشها، أحبتها حيوانات الماء المسالمة، و حتى منها اللاحمة، كانت الأصغر بين أخواتها و الأذكى بين رفيقاتها، و كان الجميع يفضلها ،
و في يوم سطعت فيه الشمس كعادتها لتنير الأرض، قررت ليان النهوض، للقيام بنشاطها المعهود، في إعداد الفطور بعد اليوم المنبوذ، يوم توفي والداها، وبدأت أخواتها في إملاء الأوامر عليها، فقد كن متعجرفات متكبرات، و لأنفسهن محبات،و لكن صاحبتنا في وجههن صمدت، و في باطنها أصرت وصبرت
لقد ملت الصغيرة قسوة الحياة معهن، فقررت عدم العودة إليهن، و راحت تستشير حكيمة البحار، عل و عسى تجود عليها بالأفكار،
ليان: ـ أيا حكيمة، أخواتي هن عصبة لئيمة، نكدن علي حياتي التي صارت سقيمة، فجئت لعونك أطلب أيتها الحليمة.
الحكيمة: ـ لدي أمر و لكنه مر، سأجعلك تفرين منهن كالهر، و لكن إلى البر.
قبلت الصغيرة، التي كانت ترى نفسها في البحر كالضريرة، فقد ودت رؤية السماء، تسبح بها الغيوم البيضاء، و في لمح البصر، أتتها الحكيمة بالخبر، أتتها بمسحوق من ذهب، لا يعطى لكل من هب و ذب،
و لكنه يحول حورية الماء، إلى مخلوق يتنفس الهواء، و لكنها لن تضل على شكلها ، لسوء حظها، ستتحول إلى هر، طويل الوبر، و ستبقى كثيرة المتاعب طويلة الشعر، إن لم تجد صديقة من البشر، قبلت الصغيرة، وهي في قلق و حيرة، كيف ستتعرف على صديقة بشرية، و هي في هيئتها القططية؟
سبحت الصغيرة إلى السطح، و تخلصت من الماء الذي يملأه الملح، وحالما بلغت السطح، تغير لها الملمح، لم تصر الحورية بطا، و إنما قطا، وراحت تمشي في المدينة، و ترقب مرسى السفينة، و حينما حل الظلام ، و صار أغلب الناس نيام، شعرت ليان بالجوع، و برد الصقيع، فلم يقدم لها أحد طعاما ولا ماءا، فملأت الدنيا مواء.
و كان في ذلك الزقاق، عائلة ذات طيبة و رواق، و كانت لهم بنت صغيرة، لطيفة و ظريفة، لم يكن لها إخوان، وما كانت تحبذ اللعب مع أولاد الجيران، و لما رأت القطة ليان، حملتها بحنان ، و أدخلتها خفية عن الجيران، و بسرعة حممتها، و بالحليب الدافئ أطعمتها، ولغرفتها أدخلتها، و أمضت ليان ليلتها، في كنف صاحبتها، في دفء منزلها ، و داخل غرفتها.
ومرت الأيام و الساعات، و كانت الصغيرتان تمضيان أجمل لحظات، فكان شعارهما السعادة، و متنت بينهما روابط الصداقة.
و في يوم مشمس، وبينما الطفلة تدرس، سمعت صوتا غريبا، عجيبا و مريبا، فراحت تركض في رواق المنزل، و للسلالم تنزل، فوجدت هرتها قد تحولت، و بشرية صارت، ففرحت البنت أيما سعادة، فقد صارت لها أخت في النهاية، فأخبرت ليان الفتاة بقصتها، و أنها أول صديقة بشرية كسبتها، وعاشت الصغيرتان بسعادة و وفاء، و مودة و صفاء، ولم تتفرقا لا في السراء ولا في الضراء.
و توتة توتة، خلصت الأحدوثة، حلوة ولا مفتوتة؟؟؟