في ظلال من يأس أحاطها ظلام الإحباط، جلست أكتب ما كان سببا في نزول العبرات من عيني،ما كان سببا لكآبة منظري و ما كان سببا في إهمالي لبسمتي،فكل فكرة إبداع في مخيلتي الصغيرة تاهت و اختفت حين بدأت أمطار الدمع في الانهمار لتشكل سيولا من حزن، فاضت فأفاضت قلبي الصغير المليء بالحب بدمع منهمر مثله مثل فيضان تسونامي الكبير.
في ظلمات الإحباط حملت دفتري الرمادي وقلمي الأسود و بدأت أخط دمع مقلي دما ينزف من قلب مصاب برصاصة يأس يئس من بعد الإصابة الأطباء من شفائها ، قلبت صفحاته الرمادية فغرقت في لجة بحر موجه عال كما الجبال،و لكنه من دون حياة،ولا هدوءَ لعواصفه،استمررت في تصفح ذلك الدفتر علّني أجد قطرة إبداع تزيح عني اليأس،فما وجدت إلا أغاني الدمع و آهات،و ما زلت أقلب حتى وقعت في شرك مسرحية تشابكت فصولها بخيوط لا من حرير و إنما من صوت الطبيعة الغائب في دوامات الظلال.
لقد ضقت ذرعا بكل مشاهد الأسى التي تفطر القلوب،فحملت قلمي الأسود و ملأت أنبوبه بدمعي الحار ،وحملت دفتر اليأس و خططت فيه بمشاعري التي كادت تتمزق أن"ارحل يا يأس" و لكنه ما استجاب ،لكن نورا حضر و أضاء بشدة حتى أنه كاد يأخذ ببصري، و رأيته يمضي نحو بحر اليأس الرمادي،و قاتل ذاك النور ظلال اليأس و طاردها،و أخيرا تمكنت آمالي من التغلب على الإحباط ، وعادت الحياة و الإبداع لي،فرميت بدفتري الرمادي ورائي بعد أن أقفلت عليه في صندوق ليس لقفله مفتاح يفتحه و أعدته لكهف الظلام،و بدّلته بآخر أوراقه من ريش اليمام الحر الأبيض،ومن بتيلات الياسمين و الورد البهي ذي العطر الزهي، و زينته بدرر الماس المتلألئ الساحر للقلوب قبل العيون.