ثلاث نماذج من رسائل الزوج لزوجته
الرسالة الأولى { البناء }
زوجتي الغالية ...لا أعرف كيف أبدا معك , لقد فكرت بالكتابة إليك لعلك تعذريني على ما بدر مني , لا أتصور أنك أغمضت جفناً بالأمس , لا أعرف كيف قضيت يومك ؟ إن نفسي تتقطع آسى وحسرة على ما حدث ؟ , ولماذا كلما حدث بيننا شجار أو مشادة قلت لي ( طلقني ) ...إني أكره هذه الكلمة ..وأكره نتائجها .. أين يذهب " أحمد " لو طلقتني ؟ وأين ستذهب " سارة " لو افترقنا ؟.
زوجتي الغالية ...
إن اتخاذ قرار الطلاق سهل جداً , فهو كلمة على اللسان تقال ... ولكن ماذا بعد ذلك ؟! .. إن الله خلق الأسرة كأول مؤسسة في الكون لأهميتها , وأنت تريدين مني ان اهدم حياتنا كلها بكلمة ...
أن لا أنكر أني أخطأت بحقك , ولكن هل الحل السليم في رأيك هو الطلاق ؟
زوجتي الغالية ...لم أنم البارحة وأنا أفكر فيك وفي أولادي وخصوصاً بعد قراءتي لحديث جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ( القطعة من الجيش ) , فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة , يجئ أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا , فيقول ما صنعت شيئاً , ثم يجئ أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته , فيدينه منه ويقول : نعم أنت ) وقال عليه الصلاة والسلام ( أيما امرأة سالت زوجها الطلاق من غيرها بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) .
زوجتي الغالية ...لا تكوني عوناً لإبليس فالجماعة رحمة والفرقة عذاب , نعم إن الطلاق أمر مشروع , ولكن ليس هو الحل الوحيد , فلنعطي لنفسنا فرصة ولا نتعجل فما زال الأمل كبيراً – أسال الله أن يشرح صدورنا ويؤلف على الخير قلوبنا .. فارجعي إلىٌ واتركي بيت والدك , فيدي ممدودة , وأنا بانتظار عودتك مع أولادك والابتسامة مرسومة على محياك .
الرسالة الثانية { الوفاء }
زوجتي الحبيبة ...لا أعرف كيف أشكرك , لقد مضي على زواجنا عشر سنوات , كنت فيها نعم الصديقة , ونعم الحبيبة , ونعم الزوجة , كنت أحياناً اشعر أنك الابنة وأحيانا أنت الأخت أو الأم , كنت وفية لي , مضحية من أجلي .. لا أعرف كيف أشكرك .
زوجتي الحبيبة ..كم هي الحياة جميلة عندما يتفاهم الزوجان فيشارك أحدهما الآخر فرحة وترحه كم يشاركه في السراء والضراء , وكم كان في الأيام الماضية من الغضب والصراخ والهجر فيها من الحب والمشاعر الدافئة فالحمد لله على كل حال .
زوجتي الحبيبة ...لم أر الصبر والوفاء في زوجين كما رايتهما في أيوب علية السلام وزوجته – فأرجو أن تكون قصتيهما دستوراً لنا في حياتنا الزوجية , وسبباً من أسباب استقرارنا وحبنا .
فلقد كان لأيوب عليه السلام أهل , ومال وولد كثير , فسلب ذلك كله شيئاً فشيئاً وهو صابر محتسب , ثم ابتلى في جسده حتى القي خارجاً من البلد , فرفضه الناس إلا امرأته , فبلغ من أمرها أنها كانت تخدم بالأجرة وتطعمه إلى ان تجنبها الناس خشية العدوى , فباعت إحدى ضفيرتها لبعض بنات الإشراف , وكانت طويلة حسنة , فاشترت له بها طعاماً طيباً , فلما أحضرته له حلف ألا يأكله حتى تخبره من أين لها ذلك , فكشف عن رأسها فاشتد حزنه وقال حينئذ ( رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) فعافاه الله تعالى ..
زوجتي الحبيبة ..إن الحياة كما رأيت لا تدوم إلا بالصبر والوفاء , والدنيا متقلبة فلا بد من الصبر عليها , ولنكن أوفياء لبعضنا فان حسن العهد من الوفاء .
وأخيراً أسأل الله تعالي كما جمعنا في الدنيا أن يجمعني في جنات النعيم ..
الرسالة الثالثة { الذكاء }
زوجتي الغالية ..لعلها أول مرة أكتب إليك بخط يدي – حيث أنني لم أعتد هذا الأسلوب في الحوار فيما بيننا لعل التجديد في طرح مشاكلنا يؤثر إيجاباً على حياتنا .
زوجتي الغالية ..إن أكثر الخلاف يحدث حول أمور لا تحسنين فيها التصرف فتثرين غضبي , وأنت تعرفين أني سريع الغضب , ثم أندم بعد ذلك .. فأحرص على حسن التصرف واستخدامي ذكائك , ولا تكوني سبباً في إثارة غضبي , لقد وصف الله النساء بأن كيدهن عظيم فاستخدمي هذا من أجل استقرار الأسرة وقوة ترابطها لا في تفريقها وهدها .
زوجتي الغالية ..أنت تعرفين أنني لا أحب الكتابة , وليس لي أسلوب جيد في المعالجة , ولكن أسرد عليك قصة أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها – وكيف تصرفت مع زوجها الزبير بن العوام – رضي الله عنه – فغيرت مجري حياتهما – حيث عدلت عن الأشياء التي يكرهها زوجها إلى الأشياء التي يحبها , وحققت ما تريد بدون إثارة مشاكل بين الزوجين , وإليك القصة كاملة .
زوجتي الغالية...روى مسلم عن أسماء قالت : جاء رجل فقال : يا أم عبد الله إني عبد الله إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك .. فقالت : مالك بالمدينة إلا داري ؟ قالت إن رخصت لك أبي ذاك الزبير ( تعني زوجها ) , فتعال فاطلب إلى الزبير شاهد .
فجاء فقال : يا أم عبد الله , إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك , فقالت : مالك بالمدينة إلا داري ؟ فقال لها الزبير : مالك أن تمنعني رجلاً فقيراً يبيع فكان يبيع إلى أن كسب ..
زوجتي الغالية ...ليتك تقتدين بأسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – في حل مشاكلنا الأسرية , ساعتها سنكون أسعد أسرة !! فهل أطمع في ذلك ؟
ثلاث نماذج من رسائل الزوجة لزوجها
الرسالة الأولى { الرفـــق }
زوجي الغالي ..لقد رزقني الله حبك كما تعلم , والحب رزق مثل الطعام والشراب والمال , فكل ذلك رزق من الله عزوجل , فالله يرزق الأرض لتحيا , والجسد الطعام والشراب ليحيا . ويرزق القلوب الحب لتحيا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خديجة : ( إني رزقت حبها ) ...
زوجي الغالي ..إن حبي لك هو الذي دفعني للكتابة وذلك لما رايته من معاملتك لى , وكأننا في سلك الجندية , فلا أسمع منك إلا الأوامر ولا استشار برأي وكأنني مسيرة في حياتي ليس لى إرادة أو حرية فكل ذلك سلبته مني وتريد أن أخدمك فقط , والله عزوجل كرم المرأة , ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعزهم ولطف بها .. وأنا أتعامل معك وأنا مشدودة الأعصاب متوترة النفس ..
زوجي الغالي ..لا أقول لك أن النبي صلى الله عليه وسلم استجاب لطلبات نسائه , بل أقول لك إنه عليه السلام استجاب لرغباتهن وما يتمنون لأن في ذلك أجراً وقرية إلى الله تعالى ..
فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت :- فحضت فلم أطف بالبيت ( في حجة الوداع )
فلما كانت ليلة الحصباء ( أيام مني ) قالت : يا رسول الله , يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة ؟! قال : وما طفت ليالي قدمنا مكة ؟ قلت : لا , قال : فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة . ( وزاد مسلم في روايته : قال جابر : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً إذا هويت الشى تابعها ) رواه البخاري .
زوجي الغالي ..لقد قلت في مقدمة الرسالة إن حبي لك هو الذي دفعني للكتابة , وذلك لما رايته من معاملتك لي , فأرجو أن تتفكر في رواية عائشة وشخصية رسولنا الكريم معها , وكيفية التعامل معها .
الرسالةالثانية { اللطف }
زوجي الغالي ..إني أحبك , ومن حبي لك أحببت أن أكتب لك هذه الرسالة وقلبي مملوء بالصدق والإخلاص عند كتابتها عسى الله أن يبارك في كلماتها فتكون سبباً في رفقك بي وحنوك علي .
زوجي الغالي ..كم حدثتك عن قسوة كلامك وشدتك في معاملتي , ولكنك لا تزال كما عهدتك , واليوم آثرت أن أكتب لك هذه الرسالة لتقرأها لوحدك وتتفاعل معها على ضوء ما عرفته من سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مع نسائه , وكيف كانت معاملته لهن .
فعن عائشة - رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قضي أحدكم حجة فليعجل الرجوع إلى أهله , فإن أعظم لأجره ) .
لقد قرأت هذا الحديث , وما كنت أتصور أن رجوع الحجاج إلى أهلهم أكثر أجراً من صلاتهم وتسبيحهم في بيت الحرام , والحسنة فيه تعدل مائه ألف حسنة , ومع ذلك يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الرجال إلى سرعة الرجوع إلى أهليهم .
زوجي الغالي ...كم أتمني أن تكون لطيفاً معي حانياً على تضع يدك في يدي وتشاركني همومي وأحزاني فإن من يفعل ذلك يكن له أجر المجاهد في سبيل الله تعالى , وهذا الثواب العظيم لفت نظري عندما قرأت حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : لما تغيب " عثمان " رضي الله عنه – عن " بدر " فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وكانت مريضة , فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه ) ..
وأنت تعرف يا زوجي أن أفضل الصحابة هم الذين شهدوا بدراً ومع ذلك يعدل أجرهم أجر رجل جلس مع زوجته عند مرضها ليؤنسها ويسليها , ويخفف عنها آلامها
ومعاناتها ..هذا ما أردته منك زوجي الحبيب فلا تخيب ظني ...
الرسالة الثالثة { الصداقة }
زوجي الحبيب ..وضعت هذه الرسالة في حقيبة يدك قبل سفرك حتى تفاجأ بها , وقد تعمدت فعل ذلك لأنني علمت أن القرارات التي يتخذها الرجل لأسرته بمفردة خير ,أسهل من القرارات التي يشترك فيها أسرته .
زوجي الحبيب ..أنا لا أنكر نعمة من نعم الله علىٌ , لكني دائماً أراك مشغولاً عني , لا تهتم بي , ولا ترافقني وتذهب معي لقضاء حوائجنا .. دائما ً تصرفني فأضطر للذهاب مع فلان أو فلأنه مع أني أحب رفقتك ومساعدتك لي فأين نحن من الحديث الذي يرويه ابن عباس – رضي الله عنه – قال : ( قال رجل : يا رسول الله , إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج , فقال أخرج معها )
زوجي الحبيب ..إني أحب أن أكون إلى جوارك دائماً , لكني لا أراك إلا على الغداء أو فترة النوم , فاعطني جزءاً من وقتك لكي تدوم المودة بيننا , ففي الحديث السابق فضل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقة الرجل لزوجته على الخروج للجهاد – إن للرحلة العائلية أثراًَ في تغير الجو المنزلي وتجديد الحياة , وأنا منذ تزوجتك وأنت دائما ً مشغول عني .. أصطنع لنفسي الشغل حتى أنشغل , وأنا أحب أن أنشغل بك وتشغل بي .
زوجي الحبيب ..كم أتمني أن أتحدث معك عن طفولتي , عن يومياتي , عن طموحاتي وأحلامي , كما أتمني أن أسمع منك ذلك , لقد مللت سماع الأخبار من التلفزيون والإذاعة والصحافة وحتى أخبار الناس إني أريد أن أسمع أخبارك فهي أجمل أخبار عندي , أعطني جزءً من وقتك , إني أخاف أن يأتي يوم تحتاج فيه إلى من يتحدث معك ويسامرك فلا تجدني تلك الزوجة التي كنت تتمناها , إن الدهر قد أطفا حماسها وان الوقت قد مضى فلا ينفع الندم ... فيا زوجي الغالي .. لا أطلب منك الكثير أقتطع لي من وقتك جزءً , ساعتها ستعود المياه إلى مجاريها ويلتئم الشمل , فهل اٌمني على نفسي بذلك ؟
مقالات زوجية للأستاذ / جاسم المطوع